كتاب "الاغتراب النفسي الاجتماعي وعلاقتة بالتوافق النفسي والاجتماعي"، أراد الباحث بموضوعه هذا، البحث بماهية الاغتراب، كمن يلقي بحصاة في ماء ساكن تنعكس عليه صورنا فنجد أنفسنا نعيش فى جزر اجتماعية وثقافية متجاورة، يفصلها الإحساس بالاغتاب وبالغربة النفسية والاج
You are here
قراءة كتاب الاغتراب النفسي الاجتماعي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
مفهوم الاغتراب:
يشير مفهوم الاغتراب عند الصوفية: أن رحلة الإنسان هي عبارة عن اغتراب دائم، يبدأ بالاغتراب عن وطن القبضة (قبضة الحق) حين أشهدنا الله على ربوبيته في عالم الذر، " ثم عمرنا بطون الأمهات فكانت الأرحام موطننا، فاغتربنا عنها بالولادة فكانت الدنيا وطننا، واتخذنا فيها أوطاناً، فاغتربنا عنها بحالة تسمى سفراً وسياحة، إلى أن اغتربنا عنها بالكلية إلى موطن يسمى البرزخ، فعمرناه مدة الموت، فكان وطننا، ثم اغتربنا عنه بالبعث إلى أرض الساهرة … والإنسان في تلك الأرض كالماشي في سفرة بين المنزلتين، ويتخذ بعد ذلك أحد الموطنيين ؛ إما الجنة وإما النار، فلا يخرج بعد ذلك ولا يغترب، وهذه هي آخر الأوطان التي ينزلها الإنسان " (الفتوحات: ج 2، ص:528).
تشير الكثير من الكتابات الفلسفية إلى ان مفهوم الاغتراب قد وجد في الفكر اليوناني القديم وبخاصة عند سقراط " 469 - 390 ق. م " الذي كان بظهوره إيذانا بقيام ثورة عارمة على الأوضاع الفكرية السائدة في مجتمعه مما يدلل على الدعوة للتغير الذي جعل بالمقابل أن أصحاب الفكر المحافظ يتهموه بإفساد عقول الناس عامة والشباب بخاصة وانه خارج عن التقاليد التي تناقش المبادئ المألوفة مثل: الحق، والخير، والجمال، والفضيلة.
وهناك من يرد الفكرة " الاغتراب" إلى افلاطون " 427 -347 ق. م " ونظريته عن الفيض والمثل الأفلاطونية والذي يرى بأن النفس اغتربت عن الآلهة حين سقطت في الخطيئة (اسكندر، 1988م: ص 18).
ومن ثم انتقالها من بعده إلى اللاهوت المسيحي ومعالجتها في كتابات العديد من الفلاسفة الاجتماعيين في أوربا وبخاصة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ثم جاء أرسطو " 384- 322 ق. م "ليكشف أن الاستغلال للثروات هو جوهر الاغتراب، عندما ينظر الناس إلى النقود على إنها غاية ايضا، ويتحول عن طبيعتها باعتبارهـا وسيلة لإشباع الحاجات الطبيعية فتضطرب الحياة الاجتماعية، وتصبح من المستحيل وقد تحولت الوسائل إلى غايات، وهنا يشعر الإنـسان بالاغتـراب (أحمد، متولي عمر، 1989: ص9 - 10).
أما اللاهوتيون: فقد استخدموا مصطلح الاغتراب للدلالة على معان متعددة " كما يوردها الجرموزي " منها:
المعنى الأول: ويمثل مفهوم الاغتراب في اللاهوت اليهودي والمسيحي الذي يعني انفصال الإنسان عن الله، وهناك نصوصا كثيرة في الكتاب المقدس تعبر عن هذا المعنى، نكتفي بذكر مثالين جاءا في العهد القديم من خلال النصيين الآتييـن:
النص الأول: " جاء في العهد القديم: قال فرعون ليعقوب " كم هي سينين حياتك ؟ فقال يعقوب أيام سني غربتي مائة وثلاثون سنة.
النص الثاني: " جاء في العهد الجديد قول بطرس: أطلب إليكم كغرباء ونزلاء أن تمتـنعوا عن الشهوات الجسدية ويقول" فسيروا زمان غربتكم أي حياتكم بخوف أي أن حياة الإنسان على الأرض هي حياة اغتراب عن الله ".
المعنى الثاني: اغتراب الإنسان عن جسده باعتباره عائقا عن الله،لان الروح ضد الجسد ويصرخ بولس "ويحيي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت ".
المعنى الثالث: انفصال الإنسان عن الناس الآخرين.
المعنى الرابع: الاغتراب عن التنظيمات والمنظمات الدنيوية الزائلة التي تخرج عن نطاق المؤسسات الروحية على أساس إن الالتصاق بالعالم الزائف هو انفصال عن الله (اسكندر، 1988 م: ص24-35).