You are here

قراءة كتاب بير الشوم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بير الشوم

بير الشوم

اتكأت رواية "بير الشوم" للكاتب الفلسطيني فيصل حوراني هذه على الأحداث التي داهمت فلسطين في العام 1948م، إلا أنها أشادت عالمها الخاص بالاعتماد على المخيلة الروائية في المقام الأول، وهكذا رسمت (بير الشوم) صورة نابضة بشتى الألوان والإيقاعات لأشخاص عديدين وعلاقا

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
ثم تحدث المختار بحدة خلت من السخرية، وهو يحرك يده مؤكداً كلامه·
 
- ··· مختصر الكلام، يا معي، يا بتخسر كل شيء·
 
بق المختار تهديده ثم أسند ظهره إلى الوسادة الموضوعة خلفه، ثم انتفض من جديد مستعيداً نبرته الساخرة·
 
- ··· حقا، ليش كل شي؟ نسيت إنه عندك عشر دونمات خلفها الوالد·
 
وإزاء صمت الشيخ، ازدادت حدّة المختار·
 
- خلّيها تشبعك خبز، لأشوف!
 
ظل الشيخ صامتاً· واعتقد المختار أن الأمر انتهى، فعدّل قعدته واسترخى وصب فنجاناً جديداً من القهوة وناوله له، فرشفه الشيخ دفعة واحدة ثم حيا مودعاً، من غير أن يتبادل النظر مع المختار، وانصرف·
 
خطر للشيخ حسن أن يذهب إلى حميه ليمضيا معاً إلى وجوه القرية يحثانهم على وضع حد لعناد المختار، ثم آثر أن يرجىء ذلك إلى ما بعد صلاة الجمعة، حين سيلتقي الجميع، وعاد إلى البئر·
 
كان البغل قد توقف عن الدوران مؤثراً الراحة، وماء الجابية قد نقص كثيراً· فتوجه الرجل المأزوم إلى البغل وأحكم شد أربطته· وعاد الماء يسيل محدثاً خريره المألوف· وسرى صخب الحياة في صباح القرية· وارتفعت الشمس لضحوتها المشرقة مبشرة بيوم قائظ جديد· وازداد لمعان أوراق النبات وهي تودع آخر قطرات الندى· وانتظمت حلقات لعب الأولاد قريباً من البئر· وكان ولد يتباهى بصخب بعدد الدبابير التي تمكن من الإمساك بها· واشتدت حركة النساء رائحات غاديات لملء جرارهن·
 
أسند الشيخ ظهره إلى حائط الجابية، يرقب بصمت هذه الحياة الناشطة· واخذت نفسه تهدأ شيئاً فشيئاً· وكأنما أفرغت محادثته مع المختار ما كان يوتره، فانتظمت أفكاره: لا يصح أن يظلوا سبَّةً في أعين الآخرين؛ لأن المختار يثق بصديقه الانجليزي· سيتحدث في موعظة الجمعة عن الجهاد، وسيذكر الناس بأن المؤمنين إخوة كالبنيان المرصوص، وأنهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، سيروي لهم قصة الذين قعدوا عن الجهاد أيام الرسول وكيف كان عقابهم· وسيتحدث مع الوجهاء بعد الصلاة· واستقر رأيه على ذلك فنهض وهو يردد لنفسه: “ليقضي الله أمراً كان مفعولاً” وأدرك من صوت الماء الذي خفت أن الجابية قد امتلأت· فأوقف البغل وفك أربطته ثم أخذه إلى مكان معشب وتركه يرعى· وعاد فأسال الماء على المساكب ووقف يتأملها وهي تستقبل وجبتها اليومية مع بداية القيظ·

Pages