قراءة كتاب الأرض الطيبة - بيرل بَك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأرض الطيبة

الأرض الطيبة - بيرل بَك

إنها الأديبة الأميركية الفائزة بجائزة نوبل العالمية للآداب.
عرفت الروائية الشهيرة بيرل بك بقصصها ذات الطابع الصيني الآسيوي. ذلك أنها ترعرعت وعاشت أول عهدها بالكتابة، في الصين.

تقييمك:
4.5
Average: 4.5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
1
 
كان اليوم يوم زفاف وانغ لنغ، وإذ فتح عينيه في الظلام الناشئ عن الأستار المسدلة حول فراشه، عجز للوهلة الأولى عن أن يتبين السبب في أن فجر هذا اليوم بدا مختلفاً عن غيره.
 
وكان البيت ساكناً ولا يعكر هذا السكون غير السعال الخافت، اللاهث الصادر عن أبيه الشيخ، الذي كانت غرفته مواجهة لغرفته هو، وكان سعال الشيخ أول صوت يُسمع عادةً في كل صباح. وكان من عادة وانغ لانغ أن يظل راقداً يستمع إلى هذا الصوت.
 
ولكنه لم ينتظر في ذلك الصباح، بل هبّ واقفاً، وأزاح الأستار عن فراشه، وكان الفجر لا يزال عتمة مشوبة بحمرة قانية. وخلال فجوة مربعة صغيرة انحسر عنها الورق الممزق في إحدى النوافذ، أومضت لمحة من السماء البرونزية اللون فتقدم من الفجوة، ونزع الورق عنها، وغمغم يقول: «أقبل الربيع ولم أعد في حاجة إلى هذا».
 
ففي اليوم السابق، كان وانغ لنغ قد قال لأبيه إن سنابل القمح لن تمتلئ إذا ظلت تلك الشمس النحاسية متوهجة ولكن كأنما السماء قد اختارت هذا اليوم بالذات لتبدي له الخير. فالأرض سوف تجود بالثمار.
 
وأسرع إلى الردهة الوسطى، وهو يرتدي سرواله الخارجي الأزرق اللون في أثناء مسيره، ويعقد حزامه القطني الأزرق حول وسطه الممتلئ. وترك الجزء الأعلى من جسمه عارياً ريثما يسخن ماء يغتسل به، ودخل الحظيرة التي كانت تستخدم مطبخاً وتلاصق المنزل، فراح ثور يلوي رأسه في الظلام من وراء ركن الحظيرة المجاور للباب، ويرسل خواراً عميقاً في وجهه.
 
وملأ وانغ لنغ هذه القدر كلها - تقريباً - بالماء، بأن غمس وعاء إلى النصف في جرة من الطين المجفف كانت بجوار القدر. ولكنه غمسه بحرص لأن الماء كان ثميناً. ثم لم يلبث - بعد أن تردد لحظة - أن رفع الجرة فجأة، وأفرغ كل ما بها من ماء في القدر فقد كان جديراً به - في هذا اليوم - أن يغسل جسمه كله. ولم يكن قد سبق لإنسان أن رأى جسمه منذ كان طفلاً في حجر أمه. أما اليوم فلا مناص من ذلك. وبالتالي كان عليه أن ينظف جسمه.
 
ودار حول الفرن ساعياً إلى مؤخرته، وانتقى حفنة من الحشائش والعيدان الجافة التي كانت ملقاة في ركن المطبخ، ثم رتبها برفق في فوهة الفرن وأشعلها.

Pages