إنها الأديبة الأميركية الفائزة بجائزة نوبل العالمية للآداب.
عرفت الروائية الشهيرة بيرل بك بقصصها ذات الطابع الصيني الآسيوي. ذلك أنها ترعرعت وعاشت أول عهدها بالكتابة، في الصين.
قراءة كتاب الأرض الطيبة - بيرل بَك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الأرض الطيبة - بيرل بَك
الصفحة رقم: 5
وشق طريقه بين الحقول في الدرب الضيق، ولاح له عن قرب سور المدينة الرمادي ووراء البوابة التي تتخلل السور والتي كان سيمر منها، كانت هناك الدار الكبيرة التي كانت زوجته المستقبلية تعمل فيها جارية منذ حداثتها. تلك دار «هوانغ» وكان هناك من يقول: خير للمرء أن يعيش وحيداً من أن يتزوج امرأة كانت جارية في بيت كبير ولكنه لما سأل والده: ألن تكون لي امرأة على الإطلاق؟ رد الوالد بقوله: أما وقد أصبحت الزيجات تكبد ما تكبد من نفقات في هذه الأيام اللعينة وكل امرأة ترغب في اقتناء الخواتم الذهبية والملابس الحريرية حتى تقبل الزواج من رجل، فلم يبقَ للفقير سوى أن يتزوج من الجواري!
ولم يلبث بعد هذا أن تحرك وذهب إلى دار «هوانغ» ليسأل عما إذا كانت لديهم جارية يمكن أن يستغنوا عنها وعاد ليقولوا له هناك جارية ليست بالصغيرة جداً، وهي فوق كل شيء غير جميلة.
وتألم وانغ لنغ من ألا تكون جميلة، فما أحلى أن تكون للمرء زوجة جميلة يهنئه على اقتنائها الرجال الآخرون. ولما رأى علامات التمرد على وجهه صرخ فيه: «وماذا نفعل بامرأة جميلة؟ يجب أن تكون امرأة تُعنى بشؤون البيت وتنجب الأطفال وهي تعمل في الحقول، فهل تفعل هذا المرأة الجميلة؟ إنها ستظل أبداً تفكر في ثياب تلائم جمال وجهها! لا، لن تدخل بيتنا امرأة جميلة فنحن فلاحون وفضلاً عن هذا فمن ذا الذي سمع عن جارية جميلة ظلت عذراء في بيت موسر؟ لا بد أن ينال شبان هذا البيت نصيبهم منها، فمن الخير أن تكون الرجل الأول لامرأة قبيحة وألا تكون الرجل المائة لامرأة فاتنة. أتتصور أن ترى الجميلة يدي فلاح مثلك في نعومة يدي ابن رجل ثري، وأن ترى وجهك الذي لوحته الشمس يضارع جمال البشرة الذهبية التي يتمتع بها أولئك الذين كانت متاعاً لهم؟».
وأدرك وانغ لنغ أن والده قد أصاب في أقواله، ولكنه مع هذا ظل يناضل رغبة جسده قبل أن يتمكن من الإجابة. وأخيراً صاح في ضراوة، إنني لن أقبل، على الأقل، امرأة ذات وجه تشوهه بثور الجدري، أو امرأة مشقوقة الشفة العليا!
فأجاب والده، «إن ذلك يتوقف على ما سنجده أمامنا»
ولم تكن المرأة شوهاء الوجه من آثار الجدري، ولا كانت مشقوقة الشفة العليا. وكان هذا كل ما عرف، فاشترى - مع والده - خاتمين من الفضة مطليين بالذهب، وحلقاً فضياً. وحمل الأب هذه الأشياء إلى صاحبة الجارية اعترافاً بالخطبة. ولم يعرف أكثر من هذا عن المرأة التي كان مقدراً أن تكون زوجته اللهم إلا أنه بوسعه أن يذهب في هذا اليوم ليأخذها.
ومشى وسط العتمة الرطبة إلى بوابة المدينة. وكان السقاؤون - خلف البوابة - يروحون ويجيئون طيلة النهار، يدفعون عرباتهم المحملة ببراميل كبيرة مملوءة بالماء، والباعة ينادون: بشائر خوخ الربيع.
فقال وانغ لنغ لنفسه: «إذا كانت تحب الخوخ فسأشتري لها حفنة منه عندما نعود» وعسر عليه أن يصدق أنه حين يعود خلال البوابة، ستكون هناك امرأة تسير في أعقابه.
وعرج إلى اليمين خلف البوابة، فإن هي إلا لحظة حتى كان في شارع الحلاقين ولم يكن قد سبقه - في تلك الساعة المبكرة - سوى نفر قليل، مجرد شرذمة من الفلاحين الذين حملوا منتجاتهم إلى المدينة في الليلة السابقة، وتجنبهم وانغ لنغ لئلا يعرفه بعضهم.