قراءة كتاب الأرض الطيبة - بيرل بَك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأرض الطيبة

الأرض الطيبة - بيرل بَك

إنها الأديبة الأميركية الفائزة بجائزة نوبل العالمية للآداب.
عرفت الروائية الشهيرة بيرل بك بقصصها ذات الطابع الصيني الآسيوي. ذلك أنها ترعرعت وعاشت أول عهدها بالكتابة، في الصين.

تقييمك:
4.5
Average: 4.5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
وتفرست السيدة فيه بدقة واهتمام كبير، وبدا عليها أنها توشك أن تتكلم، ولكنها في الواقع لم تفعل أكثر من أن مدت يدها وتناولت النرجيلة، وسرعان ما بدا أنها نسيت وانغ لنغ، فانحنت وراحت برهة تمتص أنبوبة النرجيلة بشراهة، وقد ضاعت من عينيها النظرة الحادة، وغشيتهما غلالة من النسيان. وظل وانغ لنغ واقفاً أمامها إلى أن لمحته وهي تجيل بصرها. فتساءلت في غضب مفاجئ: «ماذا يفعل هذا الرجل هنا؟»، وكأني بها قد نسيت كل شيء.. غير أن وجه البواب ظل جامداً ولم ينبس ببنت شفة..
 
وقال وانغ لنغ في دهشة: «إنني أنتظر المرأة يا سيدتي العظيمة».
 
وأنشأت السيدة تقول: «المرأة.. أية امرأة..» ولكن الجارية الواقفة بجانبها مالت عليها وهمست في أذنها، فعادت السيدة إلى حالتها الطبيعية وقالت: «آه، أجل، لقد نسيت لحظة. إنها مسألة صغيرة.. لقد جئت من أجل الجارية المدعوة «أولان»، أذكر أننا وعدنا فلاحاً بتزويجها له، فهل أنت هذا الفلاح؟».
 
فأجاب وانغ لنغ: «أنا هو»..
 
فقالت السيدة الكبيرة لجاريتها: «نادي أولان بسرعة!». وبدا كأنها تلهفت فجأة على الانتهاء من كل هذا، لكي تبقى وحيدة في سكون القاعة الكبيرة، مع نرجيلة الأفيون.
 
وعادت الجارية بعد هنيهة وبيدها فتاة عريضة المنكبين، أقرب إلى الطول منها إلى القصر، ترتدي سترة وسروالاً نظيفين من القماش القطني الأزرق وألقى وانغ لنغ عليها نظرة، ثم أشاح بنظره، وقلبه يخفق، تلك كانت امرأته..
 
وقالت السيدة في غير اكتراث: «تعالي أيتها الجارية، لقد جاء هذا الرجل من أجلك».
 
وتقدمت المرأة ووقفت أمام السيدة محنية الرأس، متشابكة اليدين.. فسألتها السيدة: «أفأنت على استعداد؟».
 
فردت المرأة ببطء، وكأن صوتها رجع الصدى: «على استعداد».
 
وإذ سمع وانغ لنغ صوتها للمرة الأولى، نظر إلى ظهرها، وهي تقف أمامه كان صوتها طيباً إلى حدٍّ كاف، لا بالمرتفع، ولا بالخافت ولكنه عادي، ولا يوحي بسوء الطبع.
 
قالت السيدة للبواب: «احمل صندوقها إلى البوابة، ودعهما ينصرفان!».
 
ونادت بعد ذلك وانغ لنغ قائلة: «قف إلى جانبها بينما أتحدث». فلما تقدم وانغ لنغ، قالت له: «لقد قدمت هذه المرأة إلى بيتنا عندما كانت طفلة في العاشرة، وقد عاشت هنا حتى الآن، إذ ناهزت العشرين من عمرها ولقد اشتريتها في عام سادت فيه المجاعة، عندما أتى والدها إلى الجنوب لأنهما لم يجدا ما يقتاتان به. ولعلك ترى بنفسك أن لها ما امتاز به نوعها من قوة البنية واكتناز الخدين. وسوف تجيد العمل لك في الحقل، وتجلب الماء إلى آخر ذلك مما تؤديه. إنها ليست جميلة، ولكنك في غير حاجة إلى الجمال، فليس يحتاج إلى الجميلات سوى أهل الفراغ، ليجدوا فيهن تسلية وملهاة. وهي أيضاً ليست ذكية، ولكنها تؤدي ما يُطلب منها خير أداء، كما أنها ذات طبع هادئ وهي عذراء على ما أعلم، فليس فيها من الجمال ما يغري أولادي وأحفادي، حتى لو لم تكن في المطبخ، فإذا كان قد حدث شيء، فلا بد أنه من الخدم فقط. ولكني أشك في هذا لأنه توجد في البيت كثيرات من الجواري الجميلات يمرحن في ساحاته طليقات فخذها وأحسن استخدامها، فهي جارية لا بأس بها وإن كانت بطيئة وغبية بعض الشيء، ولو لم أكن راغبة في كسب ثواب في المعبد ينفعني في حياتي المقبلة، بأن أعمل على اجتلاب نفوس جديدة إلى الدنيا لاحتفظت بها، لأنها نافعة إلى حد كبير في المطبخ، ولكني أزوج جواري إذا طلبن ولم يكن السادة راغبين فيهن!».

Pages