إنها الأديبة الأميركية الفائزة بجائزة نوبل العالمية للآداب.
عرفت الروائية الشهيرة بيرل بك بقصصها ذات الطابع الصيني الآسيوي. ذلك أنها ترعرعت وعاشت أول عهدها بالكتابة، في الصين.
قراءة كتاب الأرض الطيبة - بيرل بَك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الأرض الطيبة - بيرل بَك
الصفحة رقم: 2
كان هذا آخر صباح يضطر فيه إلى إشعال النار، التي اعتاد أن يشعلها كل صباح منذ أن ماتت أمه قبل ذلك بستة أعوام. كان يشعل النار، ويغلي الماء ويصبه في وعاء، ثم يأخذه إلى الغرفة التي كان والده يجلس في الفراش بها يسعل ويتحسس الأرض بحثاً عن حذائه. وكان الوالد ينتظر ابنه في كل صباح من هذه الأعوام الستة ليحضر إليه الماء الساخن لكي يخفف من حدة سعال الصباح وقد آن للأب والابن كليهما أن يستريحا، فهناك امرأة قادمة إلى البيت. ولن يضطر وانغ لنغ بعد اليوم إلى الاستيقاظ في الفجر - صيفاً وشتاءً - ليشعل النار بل سيصبح في وسعه أن يرقد في الفراش وينتظر، وسوف يأتيه هو الآخر وعاء من الماء، وإذا قدر للأرض أن تكون مثمرة فسوف تضاف أوراق الشاي إلى الماء. ولم يكن ذلك يحدث إلا مرة واحدة كل بضع سنوات.
وإذا ما دبّ الوهن إلى المرأة فسوف يكون هناك من يتولى إشعال النار عنها من أطفالها، - من الأطفال الكثيرين الذين ستنجبهم لوانغ لنغ. وكف وانغ لنغ عن الاغتسال برهة، وقد استهوته فكرة الأطفال وهم يجرون داخل الغرف الثلاث وخارجها. وكانت الغرف الثلاث تبدو دائماً أكثر من الحاجة إذ كان البيت نصف مأهول منذ ماتت أمه.
وكان وانغ لنغ وأبوه مضطرين دائماً إلى صد أقاربهما الذين كانت بيوتهم أكثر ازدحاماً من دارهما، كعمه وأطفاله الذين يخطئهم العد، والذي كان يداهنهما قائلاً:
- كيف يتسنى لشخصين وحيدين أن يكونا بحاجة إلى بيت بهذا الاتساع؟ ألا يمكن للأب والابن أن يناما معاً؟ .. إن حرارة جسم الشاب كفيلة بأن تهدئ من سعال الشيخ.
ولكن الأب كان يجيب دائماً بقوله:
- إنني أدخر فراشي لحفيدي، فهو كفيل بأن يدفئ عظامي في شيخوختي.
وهاهم أولاد الأحفاد في الطريق.. أحفاد وراء أحفاد! وسيصبح لزاماً أن تصف الأسِرَّة بطول الجدران، وفي الغرفة الوسطى، ألن يمتلئ البيت بالأسرة..؟
وشبت النار في الفرن بينما كان وانغ لنغ يفكر في كل هذه الأسرة التي ستملأ البيت نصف الخالي، وبدأ الماء يبرد في القدر. وفجأة ظهر الشيخ كالشبح في الباب، يلم ملابسه - التي لم يحكم ربطها - حول جسمه، وقد راح يسعل ويبصق وهو يقول لاعناً «لماذا لم تحضر لي حتى الآن ماء لتدفئة رئتي؟».
فحملق فيه وانغ لنغ، وتنبه، وشعر بالخجل، ثم تمتم من وراء الموقد: «إن هذا الوقود رطب. إن الريح الرطبة...».