You are here

قراءة كتاب لكي نفهم العراق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لكي نفهم العراق

لكي نفهم العراق

هذا الكتاب "لكي نفهم العراق" للكاتب الغربي وليام بولك، والذي ترجمه للعربية الكاتب د. عبد الحي زلوم، يحتوي على معلومات هامة من عالم تاريخ مارس السياسة وعرف بواطن أمورها على أعلى مستوياتها.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
إن السبب في الاندفاع المفاجئ نحو العراق، واستعجال بوش في اتخاذ قرار الحرب، وعلى الرغم من معارضة أكثر دول العالم له، فيتعلق بما أطلق عليه الخبراء اسم (الذروة النفطية) ويعود التوقيت وسرعة اتخاذ القرار بالحرب إلى الصدمة القاسية التي تلقتها الخطط السياسية الأمريكية الخاصة بنفط بحر قزوين، حيث انتهت الأحلام الأمريكية بالعثور على احتياطات نفطية هائلة تعوضها عن الاعتماد على نفط الشرق الأوسط ولو مؤقتاً·
 
ففي منتصف التسعينات، كان المخططون في واشنطن على قناعة بأن السيطرة المباشرة للشركات النفطية الأمريكية والبريطانية على حقول نفط أذربيجان وقازاخستان، من شأنها أن تمنح الولايات المتحدة الوقت الكافي المطلوب للتخطيط المتأني للانتقال إلى بدائل النفط وكذلك للسيطرة العسكرية على حقول النفط الأضخم في الشرق الأوسط وبالتدريج· كانت ظروف دول حوض بحر قزوين مواتية للخطط الأمريكية، فقد كانت تلك الدول، الخارجة حديثاً من العباءة السوفياتية، تعاني من الضعف والفوضى ومنزوعة السلاح تقريباً، الأمر الذي جعلها جاهزة لسيطرة النفوذ الأمريكي· وفي عام 1998، كانت النظرة الأمريكية إلى افغانستان من زاوية كونها تشكل حلقة مهمة تربط بين حقول النفط والغاز الطبيعي في حوض بحر قزوين وطرق خطوط النفط الجديدة، الأمر الذي سيمنح الولايات المتحدة فسحة من الوقت قبل انفجار أزمة الذروة النفطية، الخارجة عن نطاق السيطرة الأمريكية·
 
الواقع أن بعض الصقور في البنتاغون تحدثوا صراحة عن أن الحرب على العراق هي من أجل النفط وليس نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة· فهذا نائب وزير الدفاع بول وولفوتز يقول في مقابلة في سنغافورة بتاريخ 31 مايو 2003 (دعونا ننظر إلى الأمر ببساطة··· فالفرق الأهم بين كوريا الشمالية والعراق يكمن في الناحية الاقتصادية··· لم يكن أمامنا من خيار آخر في العراق، فتلك البلاد تطفو على بحر من النفط) علماً بأن الحقول المستغلة في العراق لتاريخه هي فقط 17 حقلاً من أصل 80 حقلاً أثبتت الدراسات عن وجود كميات هائلة من البترول داخلها!
 
لا داعي لنا نحن لنسهب في الإشارة إلى الأكاذيب والذرائع التي استخدمت لاحتلال العراق· ولعلنا نكتفي بما كتبه بعض كبار السياسيين الأمريكيين أنفسهم· فقد قال الرئيس الأمريكي كارتر (لقد كانت حرباً لا مبرر لها على الإطلاق· ولقد تم تبريرها بناءً على ادعاءات كاذبة) أما مستشار الأمن القومي السابق Zbigniew Brezinski زبيغيو برجينسكي فقد كتب في صحيفة The Astralian بتاريخ 14 اكتوبر 2005 : (قبل حوالي 60 سنة لخص آرنولد توينبي Arnold Toynbee بحثه الكبير (دراسة التاريخ) بأن السبب النهائي لانهيار الإمبراطوريات كان (سياساتهم الانتحارية)· وبكل أسف سيدخل جورج بوش التاريخ، بل وبكل أسف على مستقبل الولايات المتحدة، فإن (السياسة الانتحارية) تبدو أكثر فأكثر وصفاً ينطبق تماماً على سياسات الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر) ويضيف برجينسكي : (كانت الدعوة إلى الحرب على العراق من قبل دائرة ضيقة من أصحاب القرار لأهداف مبهمة لم يتم الإفصاح عنها بعد، لكن حججها كانت دموية وكلفتها كانت أكثر مما كان متوقعاً)
 
وهكذا تم احتلال دولة عربية ذات سيادة جهاراً ونهاراً··· بحرب استباقية، وبحجج كاذبة··· وسيذكر الآخرون يوماً يرونه بعيداً ونراه قريباً أنهم أُكلوا يوم أُكل الثور الأبيض·
 
ابتداءاً من 6 مايو 2003، وحتى 28 يونيو 2004، حكم العراق بول بريمير Paul Bremer بعد فترة قصيرة من حكم جي غارنر Gay Garner الذي عزله وزير الدفاع لتباين أرائه معه· وبول بريمير يتمتع بخبرة 4 عقود من العمل في القطاعين العام والخاص· عمل مع جورج شولتز، ودونالد رامسفيلد في الدولة، وفي القطاع الخاص عمل مع شركة كيسنجر ومشاركوه كعضو مجلس الإدارة المنتدب· قبل الغزو بشهور قامت الولايات المتحدة بتكليف شركة بيرنغ بوينت Bearing Point بإعداد خطة Master Plan لإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي ليصبح نظاماً اقتصادياً حراً· شركة بيرنغ بوينت كان اسمها KPMG Consulting قبل أن تغير اسمها، وكانت كلفة إعداد الدراسة 250 مليون دولار· كانت مهمة بريمير هي تنفيذ خطة Bearing Point بحذافيرها· بعد احتلال العراق كانت الخطة تقتضي تغيير النظام الاقتصادي العراقي من سيطرة الدولة إلى سيطرة السوق· أما سيطرة السوق فهي الاسم المستعار لسيطرة الشركات عِبر القطرية· كان بريمير يتمتع بصلاحيات لا حدود لها، ويستطيع إصدار قوانين جديدة أو إلغاء قوانين قائمة بجرة قلم· وهذا ما فعله بإصداره 100 تعليمة أو أوامر لتغيير الخارطة السياسية والاقتصادية العراقية· أما تلك التعليمات فهي تحمل قوة القانون وتلغي كل ما يتعارض معها· كان الأمر الأول من أوامره المئة التي صدرت أثناء حكمه، يقضي بالاستغناء عن خدمات 120.000 موظف عراقي كبير في وزارات الدولة كافة، ذلك أنه قد لا يمكن إحداث التغيرات الجوهرية المطلوبة بوجودهم· جاء بعد ذلك أمر تسريح سائر قوى وزارة الدفاع والجيش العراقي، والبالغ عددهم أكثر من 500.000 شخص· تتالت الأوامر الواحد بعد الآخر، بحيث تم تفكيك النظام السياسي والاقتصادي برمته· وهذه بعض من الأوامر والقرارات:
 
* الأمر (39): (أ) يسمح بخصخصة 200 شركة عامة مملوكة من الدولة لتصبح قطاعاً خاصاً· (ب) السماح للأجانب بامتلاك 100% من الشركات العراقية· (ج) إلغاء تفضيل العراقيين عن غيرهم لعقود الدولة· (د) تحويل أموال الأجانب والأرباح بلا قيود أو ضرائب·

Pages