الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد، فقد شرع لنا رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم سنن الهدى، وخير الهدي هديه، وكان صحابته رضي الله عنهم التطبيق العملي للإسلام وفق التربية النبوية، وكانوا نماذج يقتدى بها ويهتدى بعملها
You are here
قراءة كتاب الزهد في الإسلام - قراءة في صفة الصفوة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ابن الجوزي وصفة الصفوة
ابن الجوزي: أبو الفرج عبد الرحمن، من كبار علماء هذه الأمة، ومن أكثرهم تأليفا للكتب، مع تنوع في مجالات التأليف. وهو واعظ من أشهر وعاظ أمتنا عبر تاريخها، وقد وصف شيئا من مجالس وعظة ابن جبير في رحلته، ومدحه وجعل لقاءه والاستماع إليه غاية يُسعى إليها، بل إنه رأى أن لو لم يكن من ثمرات رحلته من المغرب إلى المشرق إلا لقاء ابن الجوزي لكان ذلك كافياً.
ومن مؤلفاته: زاد المسير في علم التفسير، والمنتظم - في التاريخ، والموضوعات في الحديث ،وتلبيس إبليس والمدهش في الوعظ وغيرها كثير. وقد توفي سنة 597 هجرية عن سبعة وثمانين عاماً.
ومن كتب ابن الجوزي كتاب صفة الصفوة. وهو كتاب في سير الصالحين والصالحات، وقد تناقل بعض الكتاب أنه اختصار لكتاب: حلية الأولياء لأبي نعيم، وهذا غير صحيح، بل هو كتاب ألفه ليكون بديلاً للحلية.
لم يُكشف لك كل الأمر، وأنا أكشفه لك...».
هذا الكلام إذا أخذ مقطوعا عما تلاه من قول ابن الجوزي أوهم أن طلب ذلك التلميذ قد لقي قبولا عند أستاذه، والحقيقة غير ذلك، لأن ابن الجوزي قد درس الحلية دراسة منهجية تدل على عقلية علمية دقيقة، وقدرة على النقد عالية، وذكر في مقدمة (الصفة) عشرة أمور كدرت الحلية كما قال.
ثم قال بعد ذلك إنه ألف كتابا جديداً ولم يختصر الحلية، وهذا بين في
قوله :«وقد حداني جدّك، أيها المريد، في طلب أخبار الصالحين وأحوالهم، أن أجمع لك كتاباً يغنيك عنه، ويحصّل لك المقصود منه، وزيد عليه بذكر جماعة لم يذكرهم، وأخبار لم ينقلها، وجماعة ولدوا بعد وفاته، وينقص عنه بترك جماعة قد ذكرهم لم ينقل عنهم كبير شيء، وحكايات قد ذكرها، فبعضها لا ينبغي التشاغل به، وبعضها لا يليق بالكتاب على ما سبق بيانه».
فكتاب صفة الصفوة، ليس اختصارا للحلية، بل هو كتاب جديد وضع بمنهجية جديدة، قد يتشابه بعض ما فيه بما ورد في الحلية، إلا أنه ليس اختصارا له. وها هو ابن الجوزي يبين الغاية من وضع كتابه الجديد
فيقول:
«لما كان المقصود بوضع مثل هذا الكتاب ذكر أخبار العاملين بالعلم، الزاهدين في الدنيا، الراغبين في الآخرة، المستعدين للنقلة بتحقيق اليقظة والتزود الصالح، ذكرت من هذه حاله دون من اشتهر بمجرد العلم، ولم يشتهر بالزهد والعبادة، ولما سميت كتابي هذا صفة الصفوة رأيت أن أفتتحه بذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه صفوة الخلق وقدوة العالم.. »
وقد بين بعد ذلك منهجيته في كتابه وطريقة ترتيبه.