You are here

قراءة كتاب الحلم والتوق إلى الحرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحلم والتوق إلى الحرية

الحلم والتوق إلى الحرية

كتاب "الحلم والتوق إلى الحرية"، إنها نصوص أدبية / نقدية حالمة توّاقة ، بل هي همسات قارئة تحاول إيقاظ نصوص إبداعية أخرى – راقدة تحت دِثارها اللغوي – من سباتها ، في ضوء قراءة تأويلية متعمقة ، تطمح إلى ترويض دلالات النصوص المقروءة الجامحة ، في براري الحياة الإ

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 3

الواقعية وأثرها على النص

فها هو الأستاذ كامل المقهور يُصدّر لإحدى المجموعات القصصية بقوله: "ما من شبهة في أن أعظم خدمة قدمت لشكل الأدب الليبي ومعرفة شبابه بالواقعية...."1
ومسترسلاً في نفس الافتتاحية :"فبرزت على الخصوص في أدبه مشاكل الشباب والتعليم، مشاكل العامل والفقير والطبقات الاجتماعية المقهورة...2.
ارتكزت القصة القصيرة، لدى معظم كتابها في البدايات، على الواقعية وشكـّل البطل أو " النموذج " الواقعي سمة قصص تلك المرحلة دون أن يتجاوزه أو يتخطاه، إلا ما ندر ولفترة ليست قصيرة حتى أننا نستطيع القول، بأنه أخذ شكل النمط أو النموذج، كما أنه في الإطار الاجتماعي، ينهض " النموذج " لمحاربة الواقع الاجتماعي والتي كانت قاعدته تشكل المثلث المهين / الفقر، الجهل والمرض الذي ورثه نتيجة للتخلف العام. جراء الاحتلال والذي أبقى على ما هو موجود، من نمط اقتصادي بدائي ومترهل، وذلك أن عموده الفقري ؛ اقتصاد زراعي فقير، يفتقد للأرضية التي يقف عليها وغياب أو انعدام كامل للتخطيط والآلية.
أن التطور الذي طرأ على النص الأدبي إجمالاً والقصصي على وجه الخصوص لم يكن من اليسر والبساطة التي نتناوله بها.
لكن ذلك أخذ زمناً ليس بالقليل وتشكل ببطءٍ وتدرج رائعين على صعيدي الشكل والمضمون، ومن حيث مرجعية الأساليب والأدوات وانتقاء الشخوص والنماذج والشرائح، وتبدل الانتماءات وتغيير المواقع والتقنيات التي استعملت النصوص والإبداعات والتي طرحت للقراءة بالصحف والدوريات أو المجاميع القصصية.
ومع أن العملية النقدية لم تكن بالمستوى المطلوب منها دائماً بالنسبة للكم المطروح من الأعمال الإبداعية القصصية، وإن جاءت تلك الدراسات والمعالجات، جاءت متباعدةً وفي أغلب الأحيان مسحاً شمولياً ومتعجلاً.
وعلى فترات برزت العديد من الأصوات القصصية الرائعة والمبدعة والتي تمكنت من أدواتها الفنية وقوبلت في حينها بالترحاب وأشاد بها النقاد، ولكنها توارت في الظل، أو ظلت على هامش الحياة الثقافية، تراقب وتنشر بين الحين والآخر بعضاً من نتاجها وعلى فترات متباعدة تحت وطأة وإلحاح الأصّدقاء والمهتمين.

تحولات النص

ولكن لابد لنا من أن ندرك بأن الجديد لابد وأن يولد من رحم القديم غالباً وكنتيجة حتمية، للتطور الذي طرأ على النص، وإن على مستوى النص الذي تشكل الحرية نسغه ولحمته، وعموده الفقري، أدّى بالتدريج إلى الثورة في داخل النص نفسه، بالتغير في المستوى اللغوي، اللفظي، الأسلوبي، البنائي إلى انتقاء وانتخاب النماذج والحالات، وفضاءات النصوص الجديدة والتحرر في المعالجات بالإنقلاب في استعمال اللغة الشعرية.
وللأستاذ "خليفة التليسي" رأي في هذا الاتجاه مفاده : "إنّ القصة ليست بعيدةً عن الشعر وأنّ القصّاص شاعرُ أعمق إحساساً وأوسع إدراكاً"3.
كما كان لتوجه كتاب القصة نحو التجريب، والإطلاع على ما تم استحداثه من أساليب جديدة في المعالجة، بالتحرر من الشكل الحكائي السردي، والذي أفرد بظلاله على بدايات تشكّل القصص الأولى في ليبيا وصاحَبَ هذه المحاولات التجريبية في القصة العديد من الدعوات للثورة على الأنماط القديمة والتمرد عليها، حيث يرى الأستاذ / يوسف القويري. "إننا في مواجهةٍ مستمرةٍ وقاسيةٍ مع العصر الحديث، وهذه المواجهة تستفزنا للتغيير..."4
كما يستفزنا الأستاذ/ خليفة التليسي، بدعوته للتمرد والتغيير بقوله :-
" ألا ترون أننا في حاجةٍ إلى أن نتمرّد، ولو قليلاً على هذا القيد، هذا العقل وأن نمنح لذواتنا مزيداً من الحرية، في التعبير عنّا..." 5
لاقت هذه الدعوات، المنادية بالانفلات من ربقة القديم، والدّاعية إلى الثورة على السائد، الإستاتيكي بتخطيه بالتعبير عن الذات والبوح بالمكنون، والحلم بالغد، وكل ما هو إنساني جميل، ورائع. تجدر الإشارة إلى أنّ النقلة النوعية التي حصلت للقصة القصيرة تبدّت مع مطلع جيل السبعينات، ومخضرمي الستينات إن جاز التقسيم. وما تلى ذلك من استعمال واستحداث أساليب جديدة في المعالجة بالتكثيف في اللغة، والتدوير في النص " باستعمال النهايات بدايات والعكس "وبإدخال التداعي "الفلاش باك" والإستحضار واستعمال ألفاظ ومفاهيم التحليل النفسي ونقد الذات، واعتماد الحلم والبوح والإغتراف من علوم التشريح، والطب النفسي.
وبرز بشكلٍ ملحوظٍ استعمال أساليب الإيحاء، والإيماء، والتأويل والاستبطان في الأعمال القصصية، وذلك باستبطان نفسيات الشخوص "نموذج الإنسان المعاصر".
على ضوء ما استجد في العلوم العصرية. كما تمت الاستفادة من مستجدات المسرح على مستوى الصوت والضوء والحوار "الديالوج" وأثّر ذلك تأثيراً مباشراً في المعالجات القصصية من حيث الشكل والمضمون. نلحظ ذلك في انبثاق وتفجر ووضوح التجربة الذاتية مما أكسب هذا النص غنىً وشاعرية أتاح له الغوص في الأعماق البشرية.

Pages