You are here

قراءة كتاب الحلم والتوق إلى الحرية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحلم والتوق إلى الحرية

الحلم والتوق إلى الحرية

كتاب "الحلم والتوق إلى الحرية"، إنها نصوص أدبية / نقدية حالمة توّاقة ، بل هي همسات قارئة تحاول إيقاظ نصوص إبداعية أخرى – راقدة تحت دِثارها اللغوي – من سباتها ، في ضوء قراءة تأويلية متعمقة ، تطمح إلى ترويض دلالات النصوص المقروءة الجامحة ، في براري الحياة الإ

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 10
منذ أن غادر الفرسان القرية، وهم يغالبون الزمن، حتى صاروا يظنون أن اللحظة صارت دهراً، فدقات القلوب صارت بحجم الطبول، ليس خوفاً أو هلعاً ولكن تلهفاً على مجيء تلك اللحظة الحاسمة.
حتى أننا لنرى الكاتب يُعبر على لسان شخوصه فيقول "مر وقت بدا لهم ثقيل الخطوات تداخلت فيه الحيرة، بالتوجس، بكبر المهمة وجلالها، فصار دهراً كاملاً..".
ران صمت ثقيل، وكأنه كابوس مهيب وعظيم، بانتظار ما ينبئ به القدر. "فجأة بدأ الشبح العظيم يتسلل ليصنع الفجر، وسط العتمة.." صارت دقات القلوب كأنها المطارق، وأهالي القرية ينتظرون ولادة الفجر، ويتأهبون لاستقبال القادمين، ويهيئون المدد لهم كذلك، والفارس ينسج خيوط ملحمة من ملاحم النضال ويهيئ النفوس لدرس من أعظم الدروس في الشجاعة والبذل والفداء.
و...."لهب صغير متوثب يتصاعد أسفل العربتين..." توالت الانفجارات والصراخ..".بدت الذئاب تهرول، معوية، مولولة / اختلط الحابل بالنابل/ كما يقولون، اختلط عواء الذئاب البشرية بذئاب الصحراء من لم يطاله الرصاص، أكلت مؤخرته النيران، ومن فر التهمته ذئاب الصحراء.
صوت الرصاص، يؤلف سمفونية رائعة، مخترقاً صمت الليل وسكونية اللهب وهو يأكل خيام الأعداء وعرباتهم، ويرسم لوحة رائعة، الأصفر والبرتقالي يمتزجان في ثنائية بديعة، وينسجان شكلاً مندغماً متآلفاً، مهيئاً النفوس لاستقبال شمس النهار.
التفت الشباب إلى يد تربت على أكتافهم برفق مكبرة/ مشجعة عاد الفارس الشجاع، بعد أن أدى المهمة، الموكلة إليه بنجاح يغمره البشر، ويعمّده الفرح بتحقيق هذا الانتصار الرائع.
ظل الشباب المسيطرون على قمة الجبل يصطادون الذئاب الهلعة الفارة كأنهم في نزهة يصطادون السّمان أو الغزلان.
.." اكتست الأرض بالجثث المبعثرة، يعريها وميض اللهب اللافح.." حتى أن النيران التهمت المعسكر بكامله. تنفس الأبطال الصعداء، وتنشقوا نسيمات باردة، قادمة مع بدايات فجر لم يشاهدوا له مثيلاً من قبل، كانت ليلة بحجم الدهر كله.
حاول كل منهم التركيز أكثر لمشاهدة ورصد أي حركة بالمعسكر ولكن لا حراك، ولا حياة، سوى بعض الأنات هنا أو هناك وأعمدة الدخان، واللهب الذي ما نفك يستعر بين الحين والآخر لم يشعروا إلا.. و "الشمس الوليدة تلوح بين جريد النخيل تبتسم صانعة الفجر.. انحدرت الجياد، تركض، جاهدة لاستقباله.
إجمالاً، ومنذ البداية، يبدو الكاتب يعقد مقارنة بين زمنيين يختلفان كل الاختلاف فالزمان الأول قرية تعيش حياة هانئة وديعة لا يعكر صفوها أي شئ ولا يشوب مناخها العام شائبة ولا يلوث صفاء جوها إلا القادم الجديد من هناك من البعيد من سردينيا، نابولي، جنوه، روما وكافة مقاطعات إيطاليا المتناثرة يجيئون مقلدين دول أوروبا الأخرى، ساعين وراء مطامع لا جدوى من خلالها لتأسيس إمبراطورية يكون الشاطئ الليبي هو الشاطئ الرابع لإيطاليا تحركهم أحلام روما القديمة.
تبدأ القصة منذ اسطرها الأولى في إمحاء وجه البراءة الطفولي العنيف وتهيئة القارئ لاستقبال أحداث القصة. بالنماذج التالية :....
.."غروب يوم بدأت تنسحب آخر خيوط نهاره.." ويردف مضيفاً وكان الليل على الأبواب نعم لقد كان الليل قاب قوسين أو أدنى أن يحل، لقد كان المستعمر على أبواب هذه القرية الجنوبية الهانئة، جاء ليفض بكارة الطهر والعفاف.
خطان يبدو أنهما لم ولن يلتقيا، في حين أن بروز عمران البطل المجاهد يرمز لعدم المهادنة، وبظهوره، خلال اللحظات الأخيرة لغروب ذلك اليوم وأخيراً.. "لاح على مرمى البصر.." لو لم يلح عمران لقلنا أن الكاتب يرمز بانسدال ستارة الليل، وهجومه بالهزيمة والسوداوية، لكن بروز عمران كشهاب وكشعاع يطل قبل نهاية ذلك اليوم.
أي أن خيطاً أبيض قد لاح، رغم تراكم الخيوط السوداء على بقية ذلك النهار... عمران رمزه الموحى بالبطولة والشجاعة، والفروسية.
عمران فارس القرية، وشجاعها..
بيد أنه في المقابل، وفي الزمن الثاني، وعلى النقيض من ذلك تماماً وما أن انتهت المهمة الموكلة إلى عمران وصحبه، حتى يغمر البشر والفرح الجميع ويبتدي ذلك الظلام الدامس، ويغمر الكون فجر يوم جديد.
.."فجأة بدأ الشبح العظيم يتسلل ليصنع الفجر وسط العتمة.." بنجاح المهمة يتغير مجرى الأحداث، ويلوح في الأفق، ملامح وعد بالنصر وبشرى بالفرح.
..."تراقصت الفرحة في عيونهم"
بالأمس كانت العيون والأفواه تعلوها علامات الاستفهام والارتباك والغموض والاضطراب والتوثب.

Pages