You are here

قراءة كتاب الخواجا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخواجا

الخواجا

"الخواجا" هذه مجموعة من القصص والحكايا والطّرائف اللطيفة التقطتها عينا الكاتبة الشّابة فدى جريس من أفواه الكبار سنّاً من أهل قريتها الجليليّة الجميلة، وأعادت نسيجها بمغزلها العصريّ وهي تحمل القارئ على جناحي غمامة فلسطينيّة إلى سنوات خالية فيها طيبة الناس وس

تقييمك:
3.333335
Average: 3.3 (3 votes)
المؤلف:
دار النشر: مكتبة كل شيء
الصفحة رقم: 9

يضرّك... ولا يفوتك

‘عالروزنا، عالروزنا... كل الهنا فيها. وشو عملت الروزنا، الله يجازيها...’
ترنم أبو السعد بحبور راكباً على حماره، ماضياً باتجاه قريته، بعد رحلة إلى قرى جنوب لبنان لزيارة صديقه والقيام ببعض المشتريات.
وأبو السعد يحب الحياة، يتمتع بكل ثانية فيها، يقضي أيامه في الطواف ما بين أحبائه وأصدقائه – وهم كثر – والأكل والشرب معهم، أو لعب النرد والورق، أو العزف على عوده والغناء. أما العمل فهو واجب ثقيل، يخصص له الحد الأدنى من الوقت. يجني بعض المال من تجارة صغيرة، ما يلبث أن ينفقه سريعاً.
ولأبي السعد أيضاً عين ‘زائغة’ تفتتن سريعاً بالنساء، ويشاع عنه أنه ذو علاقات كثيرة، رغم أنه لم يُضبط متلبساً كي يثبت عليه هذا الصيت.
أما عائلته، فهمّها الأكبر هو تبذيره للأموال وعيشه ليومه كأنما لا يكترث لأولاده ولمصروف بيته، حتى يئسوا منه واضطرت أم السعد والأولاد إلى استلام مهام الأرض بأنفسهم، وإلا فسوف يموتون جوعاً. فليس من الخائب رجاء!
كان قد تشاجر مع زوجته قبل يومين حين رأته يحزم أغراضه للسفر. تلك عادته دوماً: يتخذ قراراته وينفذها في الحال، غير عابئ بأحد، كأنه يعيش وحده.
‘لوين، يا مسهّل؟’ سألته بصوت حاد.
‘مش شغلك! ضيقانة اخلاقي وبدّي أغيّر جو.’
‘ليش؟ من كثر الشغل اللي عم تشتغله؟ ولوين العزم يا ترى؟ القدس مثلاً؟ أريحا؟ أو لبنان؟’ قالت متهكمة.
رمقها بنظرة عابرة وهو ينهي وضع أشيائه في رزمته الصغيرة. ‘صار لي زمان ما شفت أخوي أبو جواد وبدي أزوره.’
‘ع رميش!’ دقت على صدرها. من يذهب إلى لبنان في هذه الأيام، والحدود لم تعد آمنة، والجيش ينتشر عليها كالنمل؟!
‘آه. شو، غريبة؟’
‘يا زلمة، وبعدين معك! لسه يا دوب بعنا القمحات، بدك تصرف مصريّاتهم! والعسكر مملّي الدنيا حوالينا!’
‘قلتلك ألف مرة ما تنقّي عليّ. حلّوا عني!’ ارتفع الصياح، وسمعه الجيران، كالعادة، فعرفوا أن أبا السعد بصدد مغامرة جديدة.
وفعلاً، لم يأبه بأحد، امتطى حماره وانطلق، وبعد الظهيرة دخل رميش ونزل في ضيافة صديقه، الذي رحب به أشد ترحاب. أكلا وشربا وتسامرا حتى الفجر، وفي اليوم التالي، قاما بجولة في القرى المجاورة، اشترى خلالها أبو السعد ما لذ وطاب من عَرَق ومكسّرات وحلوى. ثم قفل عائداً وهو في غاية الغبطة، دون قرش واحد في جيبته.
فتح إحدى زجاجات العرق وبدأ يرتشف منها وهو راكب على ظهر حماره الذي يمشي الهوينى، وأبو السعد مسرور هادئ يتأمل في الطبيعة حوله. يفكر بإيجاد طريقة لصنع العرق عنده في البيت، فالأمر بسيط. وسيبيع العرق ويكسب الكثير، بدلاً من الكدح الغبي الذي تقوم به زوجته وأولاده في الحقول طيلة السنة وبالكاد يسد قوتهم. ستدر عليه مبيعات العرق ربحاً وافراً فينفق ويشرب ويتمتع. شعر بنشوة الحلم والتخطيط واستمر في غنائه.
‘يا رايحين ع حلب، حبّي معاكم-’

Pages