كتاب "السنة ومواجهة حملات التشكيك"، فقد شاء الله لنا في هذا العصر أن يكون موقفنا موقف الدفاع ، فقد أصبحنا نُغْزَى ولا نَغْزُو ، ونُهَاجَم ولا نُهَاجِم ، نُهاجَم في عقر دارنا ، ونُهاجَم من قومنا ، من قوم من بني جلدتنا ، ويتكلَّمون بألسنتنا ، وأصبح علينا بين
You are here
قراءة كتاب السنة ومواجهة حملات التشكيك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
تعرض السنة للطعن والتشكيك من أعداء الإسلام
إن السنة قد تعرَّضت من قديم لحملات تشكيك وطعن من خصوم الإسلام ، والله تعالى قد حفظ القرآن ، مكتوبا بين الدفَّتين ، متلوًّا بالألسنة ، محفوظًا بالصدور ، مقروءًا بالمصاحف ، ولم يعُد هناك مَن يجرؤ على التطاول على القرآن ، ولكن دخلوا دائمًا من السنة ، واتَّخذوا منها تُكئة للتطاول على الإسلام ، إلا أن الله تعالى في كلِّ عصر قيَّض أولئك العدول من حملة العلم ، الذين قال فيهم * : =يحمل هذا العلم من كلِّ خَلَف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين(2).
قيل لعبد الله بن المبارك الإمام المحدِّث الثقة الفقيه المجاهد الزاهد : هذه الأحاديث الموضوعة ! قال : تعيش لها الجهابذة(3). جهابذة العلم الذين يكشفون زيفها ويفضحونها ، ويبيِّنون حقيقتها للناس ، يعيش لها الجهابذة ، وهكذا كان الجهابذة في كلِّ عصر من العلماء العدول ، الذين يحملون هذا العلم حمل الوعاة الدعاة ، وحمل الأمناء الرعاة ، لا حمل الأدعياء ولا الدجالين ، تعرَّضت السنة من قديم لحملات ، ولكن الله تعالى هيَّأ مَن يدافع عنها في كلِّ عصر ومصر .
في عصرنا وجد هؤلاء بين الحين والحين يظهر فرخ من فروخ الاستعمار الثقافي والاستشراقي والتنصيري ، يظهر بصورة أو بأخرى ، ليؤلِّف كتابًا ، أو يكتب في صحيفة يثير الغبار حول هذا المصدر العظيم السنة ، التي هي بيان للقرآن ، ولا يمكن الاستغناء بالقرآن عن السنة ، لأن السنة تحتاج إلى البيان ، كما قال الله تعالى : ) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ) (القيامة:19)، والمبيِّن هـو النـبـي * : ( بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ( (النحل:44) ، فالسنة هي التفسير النظري والتطبيق العملي ، والبيان المفصَّل لكتاب الله تبارك وتعالى ، ولذلك قيل للتابعي الجليل مُطرِّف بن عبد الله ابن الشِّخِّير : قال له بعض الناس:حدِّثونا بالقرآن . قال : والله ما نبغي بالقرآن بديلا ، ولكنا نريد مَن هو أعلم به منا(4) . يعني رسول الله * . مَن أراد أن يعرف القرآن فليعرفه ممَّن أُنزل عليه ، ومَن هو أعرف الناس بمراد الله مـنـه ، وهـو رسول الله * .
تعرَّضت السنة لحملات كثيرة ، فهيَّأ الله مَن يدافع عن السنة ، هناك مَن ألَّف كتابًا في الهجوم على السنة ، مثل كتاب (أضواء على السنة المحمدية) وكتاب (فجر الإسلام) ، الذي نقل فيه عن المستشرقين ، وأضاف بعض ما كتبوه إلى نفسه ، وبعض ما كتبه إليهم ، وجاء ابنه اليوم ليهاجم السـنـة مـن جديد ، والولد سرُّ أبيه ، ومَن يشابه أباه فما ظلم ، ولكنه زاد على أبيه .
وجدنا هذا الذي رددنا عليه في العام الماضي حينما تكلَّم عن السنة والبدعة ، وادَّعى أن استنكار البدعة موقف جاهليٌّ ، ثم نراه أيضًا يهاجم القرآن نفسه ، كما رأيناه يهاجم الحدَّ القطعي المذكور في سـورة المائـدة وهـو قطـع يـد السـارق :( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (المائدة:38) ، مما يدلُّ على أن هؤلاء إذا سلَّمنا لهم بشيء فإنهم يقفزون على ما هو فوقه .
هم يقولون : الفقهاء ، والفقه هو اجتهاد بشر . فإذا سلَّمنا لهم بهذا ذهبوا إلى السنة ، وقالوا : خبر الآحاد . فإذا سلَّمنا لهم بمهاجمة سنن الآحاد ، لا يكتفون بذلك ، ويهاجمون السنن المتواترة ، فإذا سكتنا عن ذلك ، هاجموا القرآن نفسه ، إنهم لا يقفون عند حدٍّ . وللأسف نرى هؤلاء وقد فُتحت لهم أبواب الإعلام على مصاريعها ، يكتبون الكتب وينشرونها ، وتعطى كتبهم الجـوائـز ، ويكتـبـون فـي الصحـف السيَّارة ولا يجدون مَن يرد عليهم .
هناك جهات إسلامية : جامعات إسلامية ، مراكز إسلامية ، مجامع إسلامية من شأنها أن تردَّ على هؤلاء ، وأن تذود عن القرآن والسنة ، ولكنا للأسف لم نجد مَن يتحمَّل هذا ، ويذبُّ عن سنة النبي محمد * ! وجدنا واحدًا منهم فقط لما كتب كاتب يتَّهمهم بالرشوة أو بغير ذلك ، قام يردُّ ويدافع عمَّن معه ، ولما هُوجِم القرآن وهُوجِم الحكم الشرعي القطعي وهوجمت السنة لم نجد مَن يرد عن رسول الله * من هؤلاء!! فلا عجب أن يطمع فينا الطامعون ، ويتغلَّب علينا المتغلِّبون ، فنحن نُغْزَى في عقر دارنا .