You are here

قراءة كتاب السنة ومواجهة حملات التشكيك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السنة ومواجهة حملات التشكيك

السنة ومواجهة حملات التشكيك

كتاب "السنة ومواجهة حملات التشكيك"، فقد شاء الله لنا في هذا العصر أن يكون موقفنا موقف الدفاع ، فقد أصبحنا نُغْزَى ولا نَغْزُو ، ونُهَاجَم ولا نُهَاجِم ، نُهاجَم في عقر دارنا ، ونُهاجَم من قومنا ، من قوم من بني جلدتنا ، ويتكلَّمون بألسنتنا ، وأصبح علينا بين

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

تعرض السنة للطعن والتشكيك من أعداء الإسلام

إن السنة قد تعرَّضت من قديم لحملات تشكيك وطعن من خصوم الإسلام ، والله تعالى قد حفظ القرآن ، مكتوبا بين الدفَّتين ، متلوًّا بالألسنة ، محفوظًا بالصدور ، مقروءًا بالمصاحف ، ولم يعُد هناك مَن يجرؤ على التطاول على القرآن ، ولكن دخلوا دائمًا من السنة ، واتَّخذوا منها تُكئة للتطاول على الإسلام ، إلا أن الله تعالى في كلِّ عصر قيَّض أولئك العدول من حملة العلم ، الذين قال فيهم * : =يحمل هذا العلم من كلِّ خَلَف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين(2).
قيل لعبد الله بن المبارك الإمام المحدِّث الثقة الفقيه المجاهد الزاهد : هذه الأحاديث الموضوعة ! قال : تعيش لها الجهابذة(3). جهابذة العلم الذين يكشفون زيفها ويفضحونها ، ويبيِّنون حقيقتها للناس ، يعيش لها الجهابذة ، وهكذا كان الجهابذة في كلِّ عصر من العلماء العدول ، الذين يحملون هذا العلم حمل الوعاة الدعاة ، وحمل الأمناء الرعاة ، لا حمل الأدعياء ولا الدجالين ، تعرَّضت السنة من قديم لحملات ، ولكن الله تعالى هيَّأ مَن يدافع عنها في كلِّ عصر ومصر .
في عصرنا وجد هؤلاء بين الحين والحين يظهر فرخ من فروخ الاستعمار الثقافي والاستشراقي والتنصيري ، يظهر بصورة أو بأخرى ، ليؤلِّف كتابًا ، أو يكتب في صحيفة يثير الغبار حول هذا المصدر العظيم السنة ، التي هي بيان للقرآن ، ولا يمكن الاستغناء بالقرآن عن السنة ، لأن السنة تحتاج إلى البيان ، كما قال الله تعالى : ) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ) (القيامة:19)، والمبيِّن هـو النـبـي * : ( بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ( (النحل:44) ، فالسنة هي التفسير النظري والتطبيق العملي ، والبيان المفصَّل لكتاب الله تبارك وتعالى ، ولذلك قيل للتابعي الجليل مُطرِّف بن عبد الله ابن الشِّخِّير : قال له بعض الناس:حدِّثونا بالقرآن . قال : والله ما نبغي بالقرآن بديلا ، ولكنا نريد مَن هو أعلم به منا(4) . يعني رسول الله * . مَن أراد أن يعرف القرآن فليعرفه ممَّن أُنزل عليه ، ومَن هو أعرف الناس بمراد الله مـنـه ، وهـو رسول الله * .
تعرَّضت السنة لحملات كثيرة ، فهيَّأ الله مَن يدافع عن السنة ، هناك مَن ألَّف كتابًا في الهجوم على السنة ، مثل كتاب (أضواء على السنة المحمدية) وكتاب (فجر الإسلام) ، الذي نقل فيه عن المستشرقين ، وأضاف بعض ما كتبوه إلى نفسه ، وبعض ما كتبه إليهم ، وجاء ابنه اليوم ليهاجم السـنـة مـن جديد ، والولد سرُّ أبيه ، ومَن يشابه أباه فما ظلم ، ولكنه زاد على أبيه .
وجدنا هذا الذي رددنا عليه في العام الماضي حينما تكلَّم عن السنة والبدعة ، وادَّعى أن استنكار البدعة موقف جاهليٌّ ، ثم نراه أيضًا يهاجم القرآن نفسه ، كما رأيناه يهاجم الحدَّ القطعي المذكور في سـورة المائـدة وهـو قطـع يـد السـارق :( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (المائدة:38) ، مما يدلُّ على أن هؤلاء إذا سلَّمنا لهم بشيء فإنهم يقفزون على ما هو فوقه .
هم يقولون : الفقهاء ، والفقه هو اجتهاد بشر . فإذا سلَّمنا لهم بهذا ذهبوا إلى السنة ، وقالوا : خبر الآحاد . فإذا سلَّمنا لهم بمهاجمة سنن الآحاد ، لا يكتفون بذلك ، ويهاجمون السنن المتواترة ، فإذا سكتنا عن ذلك ، هاجموا القرآن نفسه ، إنهم لا يقفون عند حدٍّ . وللأسف نرى هؤلاء وقد فُتحت لهم أبواب الإعلام على مصاريعها ، يكتبون الكتب وينشرونها ، وتعطى كتبهم الجـوائـز ، ويكتـبـون فـي الصحـف السيَّارة ولا يجدون مَن يرد عليهم .
هناك جهات إسلامية : جامعات إسلامية ، مراكز إسلامية ، مجامع إسلامية من شأنها أن تردَّ على هؤلاء ، وأن تذود عن القرآن والسنة ، ولكنا للأسف لم نجد مَن يتحمَّل هذا ، ويذبُّ عن سنة النبي محمد * ! وجدنا واحدًا منهم فقط لما كتب كاتب يتَّهمهم بالرشوة أو بغير ذلك ، قام يردُّ ويدافع عمَّن معه ، ولما هُوجِم القرآن وهُوجِم الحكم الشرعي القطعي وهوجمت السنة لم نجد مَن يرد عن رسول الله * من هؤلاء!! فلا عجب أن يطمع فينا الطامعون ، ويتغلَّب علينا المتغلِّبون ، فنحن نُغْزَى في عقر دارنا .

Pages