كتاب "السنة ومواجهة حملات التشكيك"، فقد شاء الله لنا في هذا العصر أن يكون موقفنا موقف الدفاع ، فقد أصبحنا نُغْزَى ولا نَغْزُو ، ونُهَاجَم ولا نُهَاجِم ، نُهاجَم في عقر دارنا ، ونُهاجَم من قومنا ، من قوم من بني جلدتنا ، ويتكلَّمون بألسنتنا ، وأصبح علينا بين
You are here
قراءة كتاب السنة ومواجهة حملات التشكيك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أسباب الطعن والتشكيك في السنة
في الحقيقة حصرت هذه الأسباب والدوافع التي دفعتهم لهذه الحملة على السنة إلى أسباب عديدة :
السبب الأول : الجهل
هؤلاء المتعالمون جهلة ، هم جهلة بالسنة ، وجهلة بالقرآن ، وجهلة بالتاريخ ، وجهلة بعلماء هذه الأمة ، هم جهلة بهذا كلِّه ، ولذلك يقولون كلامًا عجيبا . لو رجعوا إلى القرآن لعلموا أن القرآن نفسه هو الذي يدعو إلى اتباع السنة :( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )(آل عمران:31) .
ويقول : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ۖ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )(النساء:59) .
( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) (النور:54).
( لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( (النور:63) .
( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَنْ تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ) (النساء:80).
(مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )(الحشر:7).
( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا( (الأحزاب:36) .
( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (النور:51) .
( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (النساء:65) ، وآيات وآيات ، هؤلاء لو عقلوا ورجعوا إلى القرآن الكريم لوجدوا أن القرآن نفسه هو الذي يدعوهم إلى طاعة رسول الله * واتباع ما جاء به ؛ لأن النبي * هو المبيِّن عن الله مراده ، فهؤلاء جهلة بالقرآن .
وهم كذلك جهلة بتاريخ هذه الأمة ، يقول صاحب هذا الكتاب اسمه (دليل المسلم الحزين) حسين أحمد أمين : بدأ الناس يبحثون عن السنة في القرن الثاني؛ ليرفعوها إلى مصافِّ الأحكام القرآنية الإلهية . يقول هذا ، مع أن الصحابة منذ عهد النبي * كانوا يبحثون عن السنة ، كان أبو بكر n إذا لم يجد شيئًا في مسألة في كتاب الله يقول : هل منكم مَن سمع شيئًا من رسول الله؟ أو عرف أن رسول الله * قضى فيها بكذا ، فإذا كان قال له : نعم . كما في مسألة الجدَّة قضى لها بالسدس عملا بفعل رسول الله * ، جاءت إحدى الجدَّات في خلافتة n ـ بعد موت حفيدها ـ تطلبنصيبهامـنتركته ، فقال لها أبو بكر : ما أجد لك في كتاب الله شيئا ، وما علمت رسول الله * ذكر لك شيئًا . ثم سأل الناس ، فقام (المغيرة بن شعبة) فقال : سمعتُ رسول الله * يعطيها السدس . فقال هل معك أحد؟ فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك ، فأنفذه أبو بكر(n (7.
وكذلك كان عمر n يقول : هل منكم مَن رأى أو سمع من النبي *؟ فعن أبي سعيد الخدري ، يقول : كنت جالسا بالمديـنـة فـي مجلـس الأنصـار ، فأتانا أبـو مـوسـى فـزعـا أو مذعورا قلنا : ما شأنك؟ قال : إن عمر أرسل إليَّ أن آتيه ، فأتيت بـابـه فسلمت ثلاثـا فلـم يـرد عليَّ فرجـعـت فـقـال : ما منعك أن تأتينا ؟ فقلت : إني أتيتك ، فسلمت على بابك ثلاثا ، فلم يردوا عليَّ ، فرجعت ، وقد قال رسول الله * «إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له ، فليرجع» فقال عمر : أقم عليه البينة ، وإلا أوجعتك . فقال : أبي بن كعب : لا يقوم معه إلا أصغر القوم ، قال : أبو سعيد : قلت أنا أصغر القوم ، قال : فاذهب به (8) .
وقد كتب n إلى شريح القاضي يقول له : إذا أتاك أمر في كتاب الله فاقضِ به ، ولا يلفتنَّك الرجال عنه ، فإن لم يكن في كتاب الله عزَّ وجلَّ ، وكان في سنة رسول الله * فاقـضِ به ، فإن لم يكن فـي كتاب الله عزَّ وجلَّ ، ولا فـي سـنـة رسول الله * ، فاقضِ بما قضى به أئمة الهدى ، فإن لميكنفي كتاب الله ولا في سنة رسول الله * ولا في ما قضى به أئمة الهدي ، فأنت بالخيار إن شئتَ أن تجتهد رأيك ، وإن شئتَ أن تؤامرني ، ولا أرى مؤامرتك إياي إلا أسلم لك (9).
وكان ذلك شأن أصحاب النبي * جميعا ، إذا لم يجدوا شيئًا بيِّنًا صريحًا في القرآن يبحثون في السـنـة ، وجمعوا الناس ، وسألوا الناس ، وإذا وجدوا مَن يدلُّهم على حديث رجعوا إليه ، ولم يجادلوا في شيء من هذا .
لما جاء عبد الرحمن بن عوف وذكر لعمر أن النبي * أخذ الجزية من مجوس هجر ، وكان n متردِّدًا في أمر المجوس كيف يعاملون؟ أيعاملون معاملة الوثنيين ، أم معاملة أهل الكتاب؟ فذكر له عبد الرحمن بن عوف أن النبي * أخذ الجزية من مجوس هجر وقال : =سنُّوا بهم سنَّة أهل الكتاب(10) . وهكذا في أمور كثيرة كانوا وقَّافِين عند كتاب الله ، رجَّاعِين إلى سنة رسول الله * ، مَن يقرأ التاريخ ويرجع إليه يجده واضحًا تمام الوضوح .