You are here

قراءة كتاب السنة ومواجهة حملات التشكيك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السنة ومواجهة حملات التشكيك

السنة ومواجهة حملات التشكيك

كتاب "السنة ومواجهة حملات التشكيك"، فقد شاء الله لنا في هذا العصر أن يكون موقفنا موقف الدفاع ، فقد أصبحنا نُغْزَى ولا نَغْزُو ، ونُهَاجَم ولا نُهَاجِم ، نُهاجَم في عقر دارنا ، ونُهاجَم من قومنا ، من قوم من بني جلدتنا ، ويتكلَّمون بألسنتنا ، وأصبح علينا بين

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

واجبنا نحو السنة النبوية

لذلك كان لزامًا علينا أن نكشف عوار هؤلاء المزيِّفين المضلِّلين ، الذين يتعالمون وليس لهم من العلم في شيء ، مشكلة هؤلاء أنهم مغرورون ، عندهم قشور من العلم جمعوها من هنا وهناك ، ولبَّسوا على الناس ، وموَّهوا على العامة ، موَّهوا عليهم أنهم قُرَّاء مثقَّفون مطَّلعون . وفي الحقيقة أنهم ليسوا مطَّلعين ، إنهم حاطبو ليل ، إنهم يجمعون بين الغثِّ والسمين من هنا وهناك ، يردُّون البخاري ، ويأخذون من الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ! ما هذا العلم ؟ ما هذا العلم الذي ليس له خِطام ولا زمام ؟ إنه علم ليس له منهج ولا قاعدة ، يأخذ من المرويات ما يروق له وإن كان ضعيفًا في سنده ، ويردُّ ما لا يروق له وإن كان في أصحِّ الصحاح! كيف تحاكم هؤلاء الذين يهاجمون السنة ، ويهاجمون الأحاديث ؟
والسؤال : لماذا هذا كلُّه ؟ في الحقيقة أن السنة هي الإسلام المفصَّل ، هي المنهاج التفصيلي لحياة الإنسان المسلم ، وحياة الأسرة المسلمة ، وحياة المجتمع المسلم ، القرآن تضمَّن القواعد الكلية والمبادئ العامة . ولكن الذي تضمَّن الحياة الإسلامية ، منهاج الحياة الإسلامية هي السنة ، هي التي فصَّلت لنا الأحكام الإسلامية : الأحكام الشرعية ، الأحكام الخُلُقية ، أحكام الآداب والسلوك ، آداب الأكل والشرب ، والقيام والجلوس ، والنوم واليقظة ، والسفر والحضر .
رسمت السنة منهاج الحياة الإسلامية ، وبهذا المنهج يتميَّز المسلم عن غيره ، ويتميَّز المجتمع المسلم عن غيره ، ولهذا كانت نقمة هؤلاء على السنة أكثر من غيرها ، فإذا انهدمت السنة فماذا يبقى من الإسلام؟ حتى الصلاة لا نستطيع أن نصلي ، فالقرآن لم يأتِ لنا بتفصيل الصلوات ، لم يقل لنا : إنها خمس صلوات . ولم يقل لنا : إن الصبح ركعتان ، والظهر أربع ركعات ، والعصر أربع ركعات ، والمغرب ثلاث ركعات ، والعشاء أربع ركعات . ولم يبيِّن لنا المواقيت ، ولم يبيِّن لنا ما نقول في كلِّ ركعة ، هذه الصلاة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم عرفناها من سـنـة النـبـي * ، فـقـد روى أبو نضرة قال : كنا عند عمران بن حصين n ، فكنا نتذاكر العلم . فقال رجل : لا تتحدَّثوا إلا بما في القرآن . فقال له عمران : إنك لأحمق ، أوجدتَ في القرآن صلُّوا الظهر أربع ركعات ، والعصر أربعا لا تجهر بالقراءة في شيء منها ، والمغرب ثلاثا تجهر بالقراءة فيالركعتين منها ، ولا تجهر بالقراءة في ركعة ، والعشاء أربع ركعات تجهر بالقراءة في ركعتين منها ، ولا تجهر بالقراءة في ركعتين ، والفجر ركعتين تجهر فيهما بالقراءة (5).
وكذلك الصيام ، وكذلك الزكاة ، وكذلك الحج ، وكذلك تفاصيل المعاملات ، وتفاصيل الحياة عرفنا كلَّ ذلك من السنة ، ولذلك إذا انهدمت السنة انهدم معها الإسلام ، هؤلاء أصبحوا الآن يوجِّهون حملاتهم إلى السنة يشكِّكون فـي ثبوتها ، حملات على السنة من حيث ثبوتها ، حملات على السنة من حيث حجيَّتها ، حملات على السنة من حيث دلالتها ومضمونها .
من حيث ثبوتها يشكِّكون فيها ، يقولون : اختلط فيه الصحيح بالضعيف ، والمقبول بالمردود ، والحسن بغير الحسن ، وقد وضع الوضَّاعون أحاديث ، فما عدنا نعرف هذا من ذاك . كأنهم يريدون أن يهيلوا التراب على تاريخ هـذه الأمة ، وتاريخ علمائها الذين تصدَّوْا للوضَّاعين وكشفوهم وغربلوا الأحاديث ، ووضعوا القواعد ، وأصَّلوا الأصول ، ولم يعُد هناك مجال أن يوجد حديث موضوع يدخل على علماء الأمة ، وينطوي عليهم ويقبلونه ويروونه في كتبهم على أنه من دين الله ومن شرع الله ، لم يعُد هذا ممكنًا ، علماء الأمة اشتغلوا في هذا واجتهدوا عليه . هم يقولون : إن السنة لا يوجد لها ما يدلُّ على ثبوتها .
ومن ناحية أخرى حتى لو ثبتت ليست حجَّة ؛ لأن النبي * كان بشرًا من البشر ، يقول ويفعل بطبيعته البشرية ، وبطبيعته العربية ، وبتجاربه وعاداته . وقد قال : =أنتم أعلم بأمر دنياكم(6) . وبعضهم يريد أن يهدم بهذا الحديث كلَّ ما جاء في شؤون الحياة وفي شؤون الآداب ، وفي شؤون المعاملات ، وفي شؤون الاقتصاد ؛ لأننا أعلم بشؤون دنيانا .
ويشككون في مضمون السنة في الآداب الـتـي تتضمَّنها السنة ، ما معنى أن يأتي حديث ويقول لك : كل باليمـيـن ولا تأكل بالشمال ، واشرب باليمين ولا تشرب بالشمال ، وادخل المسجد برجلك اليمنى واخرج منه برجلك اليسرى ، وإذا لبست النعل فالبس اليمنى أولا ، ما هذا الكلام؟ حتى مضمون السنة أصبحوا يشكِّكون فيه !

Pages