You are here

قراءة كتاب السنة ومواجهة حملات التشكيك

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السنة ومواجهة حملات التشكيك

السنة ومواجهة حملات التشكيك

كتاب "السنة ومواجهة حملات التشكيك"، فقد شاء الله لنا في هذا العصر أن يكون موقفنا موقف الدفاع ، فقد أصبحنا نُغْزَى ولا نَغْزُو ، ونُهَاجَم ولا نُهَاجِم ، نُهاجَم في عقر دارنا ، ونُهاجَم من قومنا ، من قوم من بني جلدتنا ، ويتكلَّمون بألسنتنا ، وأصبح علينا بين

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

جابر بن عبد الله ذهب إلى الشام شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا ليسمع حديثًا من عبد الله بن أنيس ، قال جابر بن عبد الله : بلغني عن رجل من أصحاب رسول الله * حديث سمعه من رسول الله * لم أسمعه منه . قال : فابتعتُ بعيرا فشددتُ عليه رحلي ، فسرتُ إليه شهرا حتى أتيتُ الشام ، فإذا هو عبد الله ابن أنيس الأنصاري قال : فأرسلتُ إليه جابرا على الباب .
قال : فرجع إليَّ الرسولُ فقال : جابر بن عبد الله؟ فقلتُ : نعم .
قال : فرجع الرسول إليه ، فخرج إليَّ فاعتنقني واعتنقته .
قال : قلتُ : حديث بلغني أنك سمعته من رسول الله * في المظالم ، لم أسمعه ، فخشيتُ أن أموت أو تموتَ قبل أن أسمعه .
فقال : سمعتُ رسول الله * يقول : =يحشر الله العباد عراة غرلا بهما . . . الحديث(18).
ويخرج أبو أيوب إلى عقبة بن عامر وهو بمصر يسأله عن حديث سمعه من رسول الله * ، فلما قدم أتى منزل مسلمة ابن مخلد الأنصاري ، وهو أمير مصر ، فأخبر به فخرج إليه فعانقه ، وقال : ما جاء بك ، يا أبا أيوب؟
قال : حديث سمعتُه من رسول الله * ، لم يبقَ أحد سمعه غيري وغير عقبة ، فابعث مَن يدلُّني على منزله . قال : فبعث معه مَن يدلُّه على منزل عقبة ، فأخبر عقبة به ، فخرج إليه فعانقه ، وقال : ما جاء بك ، يا أبا أيوب؟
فقال : حديث سمعتُه من رسول الله * ، لم يبقَ أحد سمعه غيري وغيرك في ستر المؤمن . قال : نعم ، سمعتُ رسول الله * يقول : =مَن ستر مؤمنا في الدنيا على خربه ستره الله يوم القيامة.
فقال له أبو أيوب : صدقت . ثم انصرف أبو أيوب (19).
هكذا كان الصحابة ، والتابعون كذلك ، يقول سيد التابعين سعيد بن المسيب : إن كنتُ لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد(20)!
وحدَّث عامر الشعبي بحديث : =ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين . . . ، ثم قال الشعبي : =وأعطيتُكها بغير شيء ، وقد كان الرجل يرحل في أهون منها إلى المدينة(21) يريد أن يقول له : خذها عفوًا صفوًا بدون تعب ولا مشقة (خذها مجانًا) ، أما نحن فكنا نتعب فيما هو أقل منها ، ونقطع فيما دونها المفازات .
كلُّ هذا في سبيل الله ، ومن أجل طلب العلم .
انظروا إلى رحلات علماء الحديث كيف رحلوا ؟ الإمام أحمد بن حنبل ذهب إلى اليمن ولم يكن عنده مال ليكتري راحلة يركب عليها ، فكان يكري نفسه لأصحاب القوافل حتى وصل إلى اليمن وسمع من عبد الرَّزَّاق ، ولما رجع ظهر به شحوبا بمكة ، وقد تبيَّن عليه النصب والتعب ، فقيل له : لقد شققتَ على نفسك في خروجك إلى عبد الرزاق . فقال : هين فيما استفدنا من عبد الرزاق(22).
الأمة لم تكن أمة (مغفلة) ، الصالح المغفل لا يؤخذ منه الحديث ، لأنه من أصحاب الغفلة ، ممكن أن يضحك عليه أحد من الناس؛ فـيـدسُّ لـه حـديـث وهـو لا يـدري ، فكانـوا لا يأخذون إلا عن الوعاة .
هذا هو السبب الأول الذي جعل هؤلاء يطعنون في السنة ، ويشكِّكون فيها ، وهو الجهل : الجهل بالقرآن ، الجهل بالسنة ، والجهل بعلوم الحديث ، والجهل بتاريخ الحديث ورجاله ، والجهـل بتاريخ الأمة وعلمائها ، فهذا الجهل سبب من الأسباب .

Pages