You are here

قراءة كتاب الإعلام ليس تواصلا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإعلام ليس تواصلا

الإعلام ليس تواصلا

كتاب " الإعلام ليس تواصلا " ، تأليف دومينيك وولتون ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

الفصل الأول

نظرية للتواصل والاتصال

ليست ثورة القرن الواحد والعشرين ثورة الإعلام، إنما هي ثورة التواصل والاتصالات. ليست ثورة الرسالة إنما ثورة العلاقة. ليست ثورة إنتاج الإعلام وتوزيعه بواسطة تقنيات راقية إنما ثورة في شروط القبول أو الرفض، من قبل ملايين المتلقين، المتباينين، والذين نادراً ما يكونون على خط تواصل مع المرسِلين. إن المتلقين، هدف الرسالة الإعلامية، يعقّدون التواصل، فيتعثر الإعلام في وجه الآخر. وفيما كان المرء يحلم بقرية كونية فقد تكشَّف الواقع عن برج بابل من جديد.

1- نظرية للتواصل والاتصال

إن تنوع المتلقّين قد جعل من النظرية السائدة في هذا المجال نظرية متقادمة. فلا زيادة المعلومات التي تُبثّ، ولا سرعة انتقالها بطريقة أكثر مساواة، تؤديان إلى زيادة في التواصل والتفاهم البيني. والمتلقون، أي الأفراد والشعوب، يقاومون المعلومات والأخبار التي تزعجهم، ويودون التمكن من تقديم رؤاهم الخاصة للعالم. لقد أصبح تعذر التفاهم الأفق المتاح للتواصل، الأمر الذي يجبر على التفاوض المستمر للتمكن من التعايش.

أين المفارقة هنا؟ في انتصار الإعلام الذي يكشف تلك الصعوبة المتنامية في التواصل. لقد شكل المصطلحان متلازمين إن لم نقل مترادفين، في إطار المعركة من أجل حرية التعبير، والانعتاق السياسي وحقوق الإنسان. فالإعلام هو الذي يفرض نفسه اليوم، بارزاً فكرة التواصل "التلقائي" أو الآلي بحدة أكثر، أما غداً فإن التحدي الأساسي سيتمثل في إشكالية التواصل، أي شروط قبول المتلقي للمعلومات من كل حدب وصوب، وشروط التفاوض بشأنها. لقد ازداد الإعلام غزارة بينما شح التواصل، فلم يعد كافياً أن ننتج معلومات أو نتبادلها وأن نصل إليها لتحقيق التواصل.

بالأمس، وعن طريق استخدام تقنيات محدودة، كانت الرسائل المتبادلة تعني جمهوراً متجانساً. أما اليوم، فالرسائل لا تعدّ ولا تحصى والتقنيات شبه كاملة، والمتلقون الذبن هم في تزايد مستمر، متباينون متحفظّون. والسبب في ذلك لا يعود إلى اللغات وحسب وإنما إلى تصادم التصورات والثقافات والرؤى إلى العالم. في مثل هذه الحالة، لم يعد كافياً أن نسرّع من وتيرة إنتاج وتوزيع المعلومات من أجل تحقيق تواصل أكبر، لا بل من شأن ذلك تضخيم النزاعات، ولأول مرة في التاريخ يحدث مثل هذا الفكاك.

ومن هنا فإن الإعلام والتواصل قد أصبحا في القرن الواحد والعشرين واحداً من الأهداف والرهانات سواء في السلم أم في الحرب. فكيف السبيل إلى التعايش عندما يغيب "التفاهم"، وعندما تظهّر الاختلافات للعيان بواسطة تقنيات أرقى باستمرار؟ أو عند التوصل إلى تنظيم التعايش بين وجهات نظر مختلفة، مع الواجب المزدوج المتمثل باحترام تنوع الهويات والإطار المشترك للتواصل في الوقت نفسه. أو أن ينطوي هؤلاء أو أولئك على أنفسهم ضمن معازل أو جماعات قوامها هويات متنازعة تقريباً تسمح لنا أن نتكهن كم أن العولمة تزيد من هذا الخطر. إذن هناك تزايد في عدم التواصل بسبب التزايد في المعلومات، تلك هي نتيجة لم تكن في الحسبان لثلاثين سنة خلت.

Pages