رواية "أشباح الجحيم" للروائي الجزائري المعروف بياسمينة خضرا، ترجمها إلى العربية د. محمد ساري، وصدرت عن دار الفارابي عام 2007:
قراءة كتاب أشباح الجحيم
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أشباح الجحيم
إنك على خطأ. إنها مدينة تألمت كثيراً. لامست العمق. لقد نجت بأعجوبة. الآن، تستعيد عافيتها، رويداً رويداً. لاتزال دائخة ومحمومة، ولكنها تتشبث. أنا، أجدها رائعة. منذ وقت قصير، لا أحد كان يراهن من أجلها... على ماذا يمكن أن نلومها؟ ما هي الأشياء التي لا تعجبك فيها؟
- كل شيء.
- أمر مبهم.
- ليس بالنسبة لي. لا أحب هذه المدينة، وكفى.
لم يلحّ الدكتور:
- هل تسلِّيك هذه... مارْكة فاخرة؟
مدّ لي علبة سجائره.
- لا أدخّن.
اقترح عليَّ قنّينة:
- بيرة؟
- لا أشرب.
حطّ الدكتور جلال القنينة على طاولة صغيرة من السَوْخر، واتكأ على الدرابزين، كتفه يلاصق كتفي. كادت أنفاسه المخمورة تخنقني. لا أتذكر أنني رأيته صاحياً. في الخامسة والخمسين، إنه على شفا حفرة من الحطام، لونه بنفسجي والفم غائر، محفور في زوايا الشفتين. هذا المساء، يرتدي بذلة رياضية بألوان الفريق الوطني اللبناني، السترة منفتحة على قميص داخلي، لونه بلون الدم ، بينما شريط حذائه الرياضي يبدو منحلاً وليس مربوطاً كفاية. فبدا كأنه قام للتو من السرير بعد قيلولة جيدة. لقد كانت حركاته ناعسة، وعيناه، اليقظتان والمتّقدتان عادة، لا تكادان تظهران وسط الأجفان المنتفخة.
بحركة يد ضجرة، أسقط شعره على وسط جمجمته ليموّه صلعه.
- أزعجك؟
- ...
- شعرت بقليل من الضجر في غرفتي. لا يحدث شيء أبداً في هذا الفندق، لا وليمة، لا زواج. كأنه مأوى المحتضرين.
رفع القنينة إلى شفتيه وابتلع جرعة طويلة. ارتعدت في حلقه جوزة العنق التي يملكها بارزة. وقد لاحظت، لأوّل مرة، وجود أثر خبيث يقطع رقبته، من طرف إلى آخر.
تفطّن إلى تقطيب حاجبيّ. توقف عن الشرب، مسح فمه بظهر يده، ثمّ التفت، هازاً رأسه نحو الشارع الذي كان عرضة لابتلاع شرس من قبل الأضواء الهائجة.
- حاولت شنق نفسي، منذ سنوات طويلة، حكى لي وهو ينحني على الدرابزين.
- بحبل من القنّب. كان عمري حوالى ثماني عشرة سنة...
ابتلع جرعة أخرى، ثم واصل:
- كنت حينها قد فاجأت أمي مع رجل.