You are here

قراءة كتاب التحولات التي أحدثها الإسلام في المجتمع الأفريقي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التحولات التي أحدثها الإسلام في المجتمع الأفريقي

التحولات التي أحدثها الإسلام في المجتمع الأفريقي

كتاب " التحولات التي أحدثها الإسلام في المجتمع الأفريقي " ، تأليف د. بشار أكرم الملاح ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار غيداء
الصفحة رقم: 2

المقدمة

تمثل دراسة الأوضاع الاجتماعية المحور الأساس الذي تدور حوله الكثير من الدراسات، فالمجتمع هو النواة الأولى لتكوين الدول، وبدون دراسة ذلك المجتمع لن يتمكن الدارس للأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو الفكرية وغيرها من المجالات من استكمال دراسته، فالأسرة هي اللبنة الأولى لأي مجتمع والمتكون من فئات اجتماعية ربما تتشكل حسب مهن المنتمين لها كفئة الفقهاء وفئة المدرسين وفئة الفلاحين وهكذا لتكون بدورها الدول والممالك.

لقد اشتملت الدراسة بحث لمدى التأثير الإسلامي على أفريقيا جنوب الصحراء للمدة من القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي وحتى نهاية القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي.وتمثل هذه المدة أهم حقب التاريخ الإسلامي بالمنطقة، وهي الحقبة التي ازدهرت فيها الحضارة العربية الإسلامية في تلك المنطقة، وشهدت قيام عدة كيانات إسلامية أقامها السودان، وكان الدين الإسلامي عماد ازدهارها وقوتها.

فمن هنا تبرز أهمية دراسة بلاد السودان كما سماها الجغرافيون والمؤرخون العرب، فضلاً عن الحاجة الملحة إلى إبراز تأريخها الاجتماعي بعد تأثره بالإسلام في ظل المحاولات الاستعمارية الرامية إلى قطع صلة العرب بالسودان، فضلاً عن تشويه ومصادرة التأريخ الأفريقي في أزهى فتراته.

ومن جانب آخر فإن هذه الدراسة تشير إلى ما كان عليه المجتمع السوداني قبل الإسلام من عدم استقرار، فضلاً عن عادات وتقاليد السكان الوثنية، وما حدث عليها من تغيير في ظل الإسلام،

ولقد واجه الكتاب عدة صعوبات كان من أبرزها قلة المعلومات المكتوبة من قبل المؤرخين والجغرافيين العرب عن المنطقة ولا سيما في النواحي الاجتماعية، فرغم قدم تلك المعلومات واعتماد الكثير من المراجع عليها كما يذكر ذلك المؤرخ مورفي (Murphy) قائلاً: ((زيادة ونماء في المعلومات بما يستحق الاعتبار في مصادر المعلومات المتعلقة بتطور أفريقيا جنوب الصحراء)) ([1])، والتي سبقت وصول الأوربيين بأكثر من عشرة قرون ([2]). إلا أن العديد من مناطق بلاد السودان ظلت مجهولة بالنسبة للكثير من مؤرخينا إلى فترة متأخرة، حتى أن المؤرخ الحسن الوزان(ت 959هـ/1551م) اعترف صراحة بجهله ببعض مناطق السودان، فقال: ((تنقسم بلاد السودان إلى ممالك نجهل بعضها لبعدها عن تجارتنا، لذلك لن أتعرض إلا للبلاد التي ذهبت إليها، وترددت عليها كثيراً، والتي كان التجار يأتون منها إلى البلدان التي زرتها، فيبيعون بضائعهم ويزودونني بمعلومات عنها)) ([3]).ت المنطقة نموذجاً جيداً لنقل ما أحدثه الإسلام من تغيير، ولاسيما في المدة التي وصل فيها المرابطون إلى غانة والتي أسهم خلالها الفاتحون من المرابطين في الاندماج ضمن المجتمع السوداني والتأثير عليه من خلال نقل التزامهم بأوامر الله تعالى وسنة نبيه إلى أولئك السكان، ومن ثٌم اطلاع السكان على عادات وتقاليد أولئك الفاتحين وتطبيقها.

ولا شك أن المناخ القاسي كان في مقدمة العوامل التي اعترضت سبيل المؤرخين والرحالة العرب للتعرف على هذه البلاد عن قرب وبشكل أكثر، لذلك نجد الاصطخري (ق4هـ/10م)وابن حوقل(ت:367هـ/977م)على سبيل المثال يبرران جهلهما وعدم معرفتهما الدقيقة لبعض أجزاء بلاد السودان ويعزونها إلى المناخ القاسي المتمثل في تعبيرهما بـ (الحر المانع) ([4])، الذي يمنع من العمارة والحياة، ومن ثّم صعوبة اختراق تلك الأجزاء من بلاد السودان.

كما برر بعض المؤرخين منهجهم القائم على عدم الإكثار في الحديث عن ممالك السودان بوصفها ممالك مهملة، لاحظ لها من الحضارة مقارنة مع غيرها من الممالك والدول التي نالت حظا أوفر من الاهتمام، وفي ذلك يقول الأصطخري: ((ولم نذكر بلد السودان في الجنوب، والبجة، والزنج، ومن في أعراضهم من الأمم، لأن انتظام الممالك بالديانات والآداب وتقويم العمارات بالسياسة المستقيمة، وهؤلاء مهملون لهذه الخصال، ولاحظَ لهم في شيء من ذلك فيستحقون به أفراد ممالكهم بما ذكرنا به سائر الممالك)) ([5]). ولكل تلك الأسباب جاءت المعلومات عن بلاد السودان قليلة وفقيرة.

وقد تم تقسيم هذه الدراسة إلى تمهيد وأربعة فصول، تناول التمهيد الموقع الجغرافي لبلاد السودان وتحديد حدوده وأسباب تسميته ببلاد السودان، وتناول الفصل الأول الأوضاع الاجتماعية في بلاد السودان قبل الإسلام، وتم تناول التركيب السكاني للمنطقة والمعتقدات الوثنية فضلاً عن الديانات اليهودية والنصرانية، ومن ثَّم أبرز المظاهر الاجتماعية قبل الإسلام، من خلال عرض تلك المظاهر ليصل القارئ إلى إيجاد مقارنة بينها وبين ما سيحدث من تغيير في العصر الإسلامي.

Pages