You are here

قراءة كتاب الخيل تموت واقفة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخيل تموت واقفة

الخيل تموت واقفة

كتاب " الخيل تموت واقفة " ، تأليف عبد القادر بن سالم ، والذي صدر عن منشو

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 8

3

كنت أقف كثيرا بجانب الفلاحين وهم يرددون هذه الأزجال، وكم تمنيت أن أكون بينهم أحمل منجلا واهوى على رقاب تلك السنابل الصامدة صمود هؤلاء الرجال، فأسقطها أرضا وأتمرغ على حباتها العامرة، أقبلها واحدة واحدة، وأرفع يدي إلى السماء كما كان يفعل والدي، وأطلب من الخالق أن يحي هذه الأرض. تمنيت ذلك كثيرا، وقد فعلتها ذات يوم، عندما استراح القوم لأخذ لقمة تضيف لهم طاقة العمل إلى ما بعد صلاة العصر، بحيث امتدت يداي إلى أحد المناجل المصقولة، وتسللت إلى الحصيد، وبدأت أقوم بتقليد الرجال، وأنا أردد بعضا من أهازيج حفظتها عن ظهر قلب، فيأتي أحدهم وينتزعه مني زاجرا.. ولكن مع ذلك لم أكن أقلق من هذا الصنيع لأنني متأكد أن عملا كهذا ليس سهلا، وأنه ما خلق إلا لرجال كهؤلاء، برزت صدورهم كأسود نهمة.. كان الرجل منهم يحمل لوحده شبكة الحصيد فيرميها على ظهر الحمار الذي يفقد توازنه لتوه، ولا يستقيم إلا بعد مساعدته من قبل صاحبه، بحيث يظل يترنح إلى أن يصل مكان "النوادر" فيرمي بالشبكة هناك، كنت أرافق والدي إلى عمق السهل حين يجيء الموسم، كان قويا، وكانت إرادته فولاذية، الأرض بالنسبة له هي كل شيء وأمي لم تكن أقل منه جهدا.

ينحني الحصادون صفاواحدا ومناجلهم الصلبة لا تبرح أيديهم العطشى إلى قطف رقاب هذه السنابل، وقد وضعوا على رؤوسهم مظلات من سعف نخيل كانت تصنعهن لهم خصيصا عجائز قدمن من واد الساورة "للتصياف"فيجمعن السنابل المهملة بعد انتهاء عملية الحصاد، وقد نصبن لأنفسهن مأوى من أخشاب "الاثل والفرسيق"، وكان الفلاحون يتبرعون عليهن بالمزيد بعد انتهاء العملية، يشرع الرجال في العملية مرددين أهازيجهم الجميلة:

Pages