You are here

قراءة كتاب الخيل تموت واقفة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخيل تموت واقفة

الخيل تموت واقفة

كتاب " الخيل تموت واقفة " ، تأليف عبد القادر بن سالم ، والذي صدر عن منشو

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 10

أذكر أن شبر الأرض كان غاليا، وكان كل فلاح يخط حدوده بحجر، أو بغصن شجرة يابس، وكثيرا ما وقعت منازعات حادة أدت بالرجال إلى التصادم، والاقتتال، لأن أحدهم قد تجاوز حدوده المرسومة، فدفع ثمن هذا الخطأ معركة قد يشترك فيها الكثيرون.. لكن هذا لم يكن يحدث إلا نادرا، لأن الصلح كان سباقا قبل استفحال الخطر. ومما أذكره أيضا، أن أمي قد دفعت الثمن عندما تسرب خروف من القطيع إلى أرض أحد الفلاحين، مع أنه لم تكن بها سوى حشائش طفيلية يابسة، فلما أبصرها هجم عليها كالأسد الضاري، وكاد أن يرفعها من على الأرض ليرميها بعيدا، لولا أنها استدركت الموقف وولت الأدبار.

كان سهل قير يوحي بزمن لم نكن نتصور أنه سيزول، كانت الحياة بسيطة، وكانت الأرض تبشر بعطاء سرمدي.. كنا صغارا، ولكن عقولنا كانت كبيرة، آمالنا كانت بيضاء، بياض ذلك اللبن الذي تذره تلك القطعان الموزعة على امتداد السهل، سخية سخاء واد قير الذي رسم على محيا مدينتي الصغيرة فرحا لا يزول، ورسم على عينيها النائمتين بهاء اللحظة.

كنا حين نسمع بقدومه، تصيبنا قشعريرة ممزوجة بالخوف والحبور، فقد يفاجأ من كان في عمق السهل أو في عرض البطحاء، فلا نسمع إلا نعيهم، وقد تداولتهم الألسنة، وزاد السمار بشأنهم في نسج الروايات.

هذه المرة، شاركت الرجال وهم يذرون القمح والشعير، بعد أن كدسوه فوق أرض صلبة، ودكوه بقوة بمعية أحصنة وبغال قوية، ما جعل الحبوب تتحرر مما علق بها من تبن وبرسيم، وقد كان الفلاحون يتحينون الفرصة مع كل هبة ريح، فتشرع السواعد في رفع كميات الحب المتماسكة مع التبن وغيره إلى الأعلى بواسطة المدرة وهم يرددون بصوت عال يزيد من تشجيعهم على مواصلة الذرو:

يا هبوب ياهبوب

أدي التبن وخلي لحبوب

هاذا النادر فيه وفيه

يا ربـي قوي ما فيه

هبـي ياريح البركة هبـي وزيدي

راه أعشاك الليلة عند لكريم سيدي.

Pages