You are here

قراءة كتاب خيانة المثقفين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خيانة المثقفين

خيانة المثقفين

كتاب "خيانة المثقفين ـ النصوص الأخيرة"، يضم نصوصاً غير معروفة، كتبها المفكر والأكاديمي الفلسطيني إدوارد سعيد (1935 ـ 2003م)، في السنوات الأخيرة من حياته، وفيها يناقش دور المثقف في مواجهة الإستبداد والقمع والإنحلال الفكري العربي.

تقييمك:
5
Average: 5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
مقدمة
 
ا- الاستشراق
 
إن كلمة استشراق مشتقة من كـلمة (شرق) وعلى هذا يكون الاستشراق علم الشرق، ويعرف قاموس أكسفورد المستشرق بأنه (من تبحر في لغات الشرق وآدابه) وقدم إدوارد سعيد تعريفات عدة للاستشراق: نوع من الإسقاط الغربي على الشرق وإرادة حكم الغرب للشرق .... أسلوب في التفكير مبني على تميز متعلق بوجوب تبادل المعرفة بين الشرق وبين الغرب ..... وهو ليس مجرد موضوع سياسي أو حقل بحثي ينعكس سلباً باختلاف الثقافات والدراسـات أو المؤسسات، وليس تكديساً لمجموعة كبيرة من النصوص حول المشرق … وإنما هو توزيع للوعي الجغرافي إلى نصوص جمالية وعلمية واقتصادية واجتماعية ولغوية. ويضيف سعيد في موضع آخر بأنه المجال المعرفي أو العلم الذي نتعرف بوساطته إلى الشرق بصورة منظمّة كموضوع للتعلم والاكتشاف والتطبيق... انه كل ما يصدر عن الغربيين من إنتاج فكري وإعلامي حول قضايا الإسلام والمسلمين وفي الاجتماع، وفي السياسة أو الفكر أو الفن، ويمكننا أن نُلحق بالاستشراق ما يكتبه تلامذة المستشرقين من العرب ممن ينظرون للتراث من منظور غربي. وتزعم تلك الدراسات بتفوق الغرب العنصري والثقافي على الشرق الإسلامي. لهذا نرى أن للاستشراق دلالة أكاديمية إذ تطلق كلمة مستشرق على كل من يقوم بتدريس الشرق أو الكتابة عنه ويسمى فعله استشراقا وهو أسلوب من الفكر القائم على تمييز وجودي ومعرفي بين الشرق الروحي والغرب العقلي كما هو أسلوب سياسي وإداري غربي للسيطرة على الشرق.
 
يعود تاريخ الاستشراق الفعلي إلى القرن السابع عشر بعد أن بنت أوروبا نهضتها الصناعية والعلمية وأصبح فيها العديد من الجامعات ومراكز البحوث التي أنفقت بسخاء ولا تزال على بحوث تهتم بالشرق برغم الاختلاف حول بداية الاستشراق الذي يرجعه البعض إلى الحروب الصليبية أو إلى عهد العرب بالأندلس. اتبع المستشرقون كل الوسائل المتاحة لتحقيق أهدافهم من خلال التعليم الجامعي، وإنشاء المؤسسات العالمية لتوجيه التعليم والتثقيف والمؤتمرات والندوات ولقاءات الحوار والمجلات ونشر المقالات وجمع المخطوطات العربية، والتحقيق والنشر وتأليف الكتب ودس السموم الفكرية فيها بصورة خفية ومتدرجة، وإنشاء الموسوعات العلمية الإسلامية، إضافة إلى أقسام دراسات الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية في الجامعات الغربية ( أوروبا وأمريكا) والجامعات والمعاهد الأوروبية والأمريكية في البلاد العربية الإسلامية. وتسهم هذه الجامعات في تكوين عقلية الطالب وفهمه وإدراكه.
 
وفي عام 1973م عقد مؤتمر المستشرقين الدولي بباريس ليكون آخر مؤتمر دولي يحمل هذه التسمية، فقد ألغي مصطلح (استشراق) لما حمل من دلالات سلبية كثيرة على مدى فترة تاريخية طويلة وصار التجمع يحمل اسم (الجمعية الدولية للدراسات الآسيوية والشمال إفريقية ) وأصبحت مؤتمراته تحمل اسم (مؤتمرات العلوم الإنسانية الخاصة بمناطق العالم الإسلامي)
 
لقد اهتم الاستشراق منذ بدايته بنشر الكتب التي تتناول الإسلام من جميع جوانبه، كما تناولت الأحوال الاجتماعية في العالم الإسلامي في مختلف العصور. فنشر المستشرق دنكان بلاك ماكدونالد كتاباً بعنوان تطور العقيدة الإسلامية، وألف كولسون في التشريع الإسلامي، وصدر لهم مؤلفات كثيرة في مجال التاريخ الإسلامي حتى عد بعضهم كتاب كارل بروكلمان تاريخ الشعوب الإسلامية من المراجع الأساسية في دراسة التاريخ الإسلامي. وهناك على سبيل المثال لا الحصر كتاب برنارد لويس تاريخ العرب. وقد تميزت كتابات المستشرقين في العصور الوسطى أو بدايات الاستشراق بالتعصب والحقد الشديد والكراهية الموجهة ضد الإسلام، ولكن ظهرت في القرن العشرين كتابات عن الإسلام زعمت بأنها تجاوزت التعصب والحقد القديم منها ما كتبه توماس آرنولد في كتابه الدعوة إلى الإسلام، وكتب مونتجمري وات عن الرسول صلى الله عليه وسلم: محمد في مكة و محمد في المدينة و محمد رجل الدولة والسياسة وغيرها من الكتب، وأشهر من ينشر هذه الكتب الجامعات الغربية مثل جامعة أكسفورد التي نشرت موسوعة للعالم الإسلامي الحديث تتألف من أربعة مجلدات أهم موضوعاتها : الإرهاب والتطرف، وحقوق الإنسان ، ومكانة المرأة في العالم الإسلامي، وفي الإسلام؛ وتزعم الموسوعة بالتخصص والدقة والموثوقية.
 
أهداف الاستشراق: لا نبتعد عن الصواب لو قلنا بأن الأهداف الأولية للاستشراق استعمارية وتبشيرية واستكشافية منذ بدايتها. أما في الآونة الأخيرة فقد أصبح يطلق على المستشرقين لقب خبراء شؤون الشرق الأوسط الذين يقومون بتقديم الخدمات المباشرة لصناع القرار في الحلف الإسرائيلي الأمريكي وتزويدهم بالمادة البحثية المناسبة. تتمحور توجهات المستشرقين المعاصرين تجاه إسرائيل في التركيز على أهميتها للغرب وللولايات المتحدة كقاعدة متقدمة، وتقديم كل وسائل الدعم لتفوقها في المنطقة وإظهارها (واحة الديمقراطية) النظام الذي تلتزم أمريكا أخلاقيا بدعمه، تبنّي المواقف والسياسات الإسرائيلية وتبريرها، تشجيع المعتقدات الصهيونية التوراتية الغيبية تجاه العرب وفلسطين والترويج (للمعجزة اليهودية) في بناء الدولة وجيشها الذي لا يقهر وغير ذلك من الترهات.

Pages