You are here

قراءة كتاب خيانة المثقفين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خيانة المثقفين

خيانة المثقفين

كتاب "خيانة المثقفين ـ النصوص الأخيرة"، يضم نصوصاً غير معروفة، كتبها المفكر والأكاديمي الفلسطيني إدوارد سعيد (1935 ـ 2003م)، في السنوات الأخيرة من حياته، وفيها يناقش دور المثقف في مواجهة الإستبداد والقمع والإنحلال الفكري العربي.

تقييمك:
5
Average: 5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
2-الإسلام‏
 
تصدى إدوارد سعيد لكل الهجمات التي استهدفت الإسلام والعرب إذ لا يمكن الفصل بين الحضارة الإسلامية والعربية لهذا فإن كل محاولات التشكيك والتشويه التي تعرض لها الإسلام تطال العرب بطبيعة العلاقة المتبادلة بينهما ويعود تاريخ العداء منذ نشأة الإسلام وصدامه مع الإمبراطورية البيزنطية إلى الأندلس ثم الحروب الصليبية وما تعرض له العرب والمسلمون من الاستعمار الغربي في العصور الحديثة ولا تزال الحملات مستمرة بشكلها المباشر كما في العراق، أو غير المباشر في معظم البلدان الإسلامية. لقد احتاج الاستعمار إلى إيديولوجية تبريرية فأطلق عقيرة زمرته المأجورة من المفكرين لصبغ الإسلام بالتعصب والدونية والجهل والظلام وحاجته الماسة لمن يقوده إلى التقدم والنور والديمقراطية. تسترت الحملات الاستعمارية بذرائع متنوعة جلها دينية منذ الحملات الصليبية إلى التكليف الإلهي للرئيس الورع بوش باحتلال العراق وقتل الملايين من الشعب العراقي جراء الحصار الظالم أولاً والقصف الهمجي لاحقاً. انبرت مؤيدة لهذا الصراع الطويل والدائم فيالق من المفكرين الذين افتقروا إلى أدنى درجات الضمير والمسؤولية؛ فصاغوا النظريات والأفكار التي تناسب الغزو والاحتلال ويجمع بين هذه النظريات التركيز على دونية الآخر غير الغربي وتخلفه والأخذ بيد المتخلف إلى التقدم أو الديمقراطية أو الحضارة. لقد قسم ديربليو التاريخ إلى مقدس يمثله المسيحيون واليهود ومدنس يمثله المسلمون وبهذا ينتمي المسيحيون واليهود إلى جغرافية متقدمة والمسلمون إلى جغرافية متخلفة. أما غرونبام فقد أنكر في أعماله الكثيرة عن الإسلام انتماء الإسلام إلى أي ثقافة فهو برأيه عاجز ومغلق وغير قابل للتطور وتوصل ماكس فيبر في كتابه الإسلام والرأسمالية إلى أن الإسلام لا يحتوي على أي أخلاق تتفق أو تتلاءم مع الروح الرأسمالية، أما المجتمع المسلم فهو مستبد ولا عقلاني. ورأى برنارد لويس في كتابه عودة الإسلام، أن الإسلام لا يتطور حاله كحال المسلمين، فهم خائفون ويجب أن يوضعوا دائماً تحت الرقابة.
 
يفسر إدوارد سعيد هذه الظاهرة العدوانية المستفحلة والدائمة فيقول: (تطور الشعور بالإسلام كتهديد للآخر- بتصوير المسلمين متعصبين وعنيفين وشبقين وغير عقلانيين- في أثناء الفترة الاستعمارية فيما سميته بالاستشراق. إنه دراسة الآخر ويتعلق كثيراً بالتحكم والسيطرة الأوروبية والغربية عموماً في العالم الإسلامي واستمر ذلك الشعور لأنه مؤسس على جذور دينية راسخة بعمق، إذ ينظر إلى الإسلام كمنافس للمسيحية. لو نظرنا إلى مناهج أغلب الجامعات والمدارس في هذه البلدان، فيما يتعلق بصدامنا الطويل مع العالم الإسلامي، ستجد هناك القليل جداً مما يمكن اعتباره تثقيفياً وتنويرياً حقاً عن الإسلام. لو نظرت إلى وسائل الإعلام المنشورة، سترى أن النموذج النمطي الذي بدأ مع رودولف فالنتينو في الشيخ قد ظل حقاً وتطور إلى وغد عابر للقوميات في التلفزيون والسينما والثقافة عموماً. من السهل إطلاق التعميمات عن الإسلام. كل ما عليك فعله أن تقرأ أي عدد من ذا نيو ريببلك لترى أن الشر المتطرف هو ذلك المترافق مع الإسلام والعرب لأن ثقافتهم فاسدة وهلم جرا. هناك تعميمات بغيضة تطلق في الولايات المتحدة ضد أي جماعة دينية أو أثنية.)
 
تزايدت تلك الهجمات والحملات بعد انتهاء الحرب الباردة والخلاص من (الخطر الأحمر) بسقوط منظومة الدول الاشتراكية في أوروبا الشرقية وتفكك الاتحاد السوفييتي السابق وأصبحت الامبريالية الأمريكية- الأوروبية بحاجة إلى عدو جديد كغطاء لحروبها ونهبها لثروات الشعوب فاستحضر مفكروها الممسوسون (الخطر الأخضر) و(الاسلامفوبيا) و(الإرهاب) وكان المميز في هذا المجال المأفون صمويل هتنغتون بكتابه سيء الذكر (صدام الحضارات) الذي رأى فيه بأن الصراعات السابقة حدثت داخل الحضارة الأوروبية نفسها، لكن صراعات القرن القادم (الواحد العشرين) ستكون بين الحضارات، وقسم العالم إلى حضارات رئيسة ثمانية ورشح الحضارة الإسلامية للصدام مع الحضارة الغربية وحدثت حوادث 11 أيلول الهوليودية لتسوغ الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق ولرسم خارطة للشرق الأوسط الجديد التي لم تكتمل بسبب ما واجهه الاحتلال من مقاومة.
 
يقول هتنغتون في كتابه المذكور:(ترى فرضيتي أن المصدر الأساسي للصراع في العالم الجديد لن يكون إيديولوجياً أو اقتصادياً في المقام الأول، وسيكون مصدر الانقسامات الكبيرة بين الجنس البشري و الصراع المهيمن ثقافيا. ستبقى الدول-الأمم العوامل الأقوى في الشؤون الدولية، لكن الصراع الرئيسي للسياسة الدولية سينشب بين أمم وجماعات من حضارات مختلفة؛ كما سيطغى صدام الحضارات على السياسة الكونية. ستكون خطوط التصدع بين الحضارات خطوط المعركة في المستقبل).

Pages