You are here

قراءة كتاب خيانة المثقفين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خيانة المثقفين

خيانة المثقفين

كتاب "خيانة المثقفين ـ النصوص الأخيرة"، يضم نصوصاً غير معروفة، كتبها المفكر والأكاديمي الفلسطيني إدوارد سعيد (1935 ـ 2003م)، في السنوات الأخيرة من حياته، وفيها يناقش دور المثقف في مواجهة الإستبداد والقمع والإنحلال الفكري العربي.

تقييمك:
5
Average: 5 (2 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
لكن من وراء ذلك ينبثق تيار قومي دنوي (علماني) جديد ببطء. من المبكر أن نسميه حزبا أو كتلة، لكنه الآن مجموعة واضحة لها وضع مستقل وشعبي حقيقي. من بينهم الدكتور حيدر عبد الشافي والدكتور مصطفى البرغوثي ( دون الخلط مع قريبه البعيد الناشط في حركة فتح مروان البرغوثي) مع إبراهيم دقاق والبروفيسور زياد أبو عامر ومحمود العكر وأحمد حرب وعلي الجرباوي وفؤاد مغربي وعضو المجلس التشريعي راوية الشوا وكمال شيرافي والكتّاب حسن خضر ومحمود درويش ورجا شحاذه وريما ترازي وغسان الخطيب وناصر عروري وإيليا زريق وأنا. في أواسط كانون الأول، أصدرنا بياناً جماعياً غطته بشكل جيد وسائل الإعلام العربية والأوروبية (لكنه مر دون ذكر في الولايات المتحدة وإسرائيل) داعياً إلى الوحدة الفلسطينية والمقاومة وإنهاء غير مشروط للاحتلال الإسرائيلي. نعتقد أن التفاوض تحسين للاحتلال وإطالة لبقائه. لا يأتي السلام إلا بعد انتهاء الاحتلال. إن أكثر أقسام البيان جرأة تركز على الحاجة إلى تحسين الوضع الفلسطيني الداخلي، وأوله تعزيز الديمقراطية وتصحيح عملية صناعة القرار (التي يسيطر عليها عرفات وجماعته)، وتأكيد الحاجة إلى استرداد سيادة القانون، واستقلال القضاء، ومنع أي استغلال آخر للأموال العامة، وتقوية أدوار المؤسسات العامة لكي تعطي كل مواطن الثقة في تلك المؤسسات التي خصصت بوضوح للخدمة العامة. وآخر هذه المطالب وأهمها هو الدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة.
 
تعرض سعيد لكافة أشكال التخويف التي تنوعت من التهديد اللفظي إلى محاولات الاغتيال الفعلية، لكنه لم يكترث وظل صوتاً شجاعاً يهدر بالحق في كل المحافل الدولية. كما طالبت المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة وعلى رأسها الايباك بفصله من الجامعة ولقب ب(بروفيسور الإرهاب) لكنه لم ينثن أو تلن له عزيمة.
 
تميز نضاله باعترافه بحق الآخر في الوجود، الآخر الذي كان ضحية للنازية، لكنه رفض أن يكون ذلك مبرراً لاضطهاد شعبه. فمن حق يهود فلسطين أن يعيشوا مع العرب الفلسطينيين، ولكن ليس من العدل أن يأتي يهود المجر أو إثيوبيا ويطردوا أهالي القدس وحيفا وعكا من بيوتهم أو يبيدوهم في مجازر جماعية ليعيشوا محلهم.
 
فضح سعيد كل الأساطير الصهيونية التي حاولت طمس التاريخ الحقيقي وادعت بأن فلسطين أرض بلا شعب واليهود شعب بلا أرض. وعرى التحالف الإسرائيلي- الصهيوني من جهة، والأمريكي- الأوروبي من جهة ثانية الهادف إلى إبقاء الاحتلال، وتمكين إسرائيل كقاعدة متقدمة للأطماع الغربية. لقد عول سعيد كثيرا على أهمية الرأي العام الغربي عامة، والأمريكي خاصة لكون أمريكا القوة العظمى الوحيدة في العالم وما تمثله من تأثير على القضية الفلسطينية والعربية، وطالب بفتح كليات للدراسات الأمريكية في الجامعات العربية ليعرف العرب تعقيدات المجتمع والحكم في أمريكا، ومخاطبتها بلغة تفهمها، وإزالة الوهم الذي رسخته الدعاية الصهيونية في الوعي الأمريكي.
 
خاطب إدوارد الإنسان في إنسانيته وليس في هويته، ورأى بأن حقوق الإنسان واحدة للبيض وللسود، وأهمها الحق في العيش، وفي حرية التعبير، وحق تقرير المصير، وناوأ العنصرية والتمييز والاستبداد، ودعا إلى المساواة والديمقراطية والإنسانية. وتساءل عن سبب عدم استحواذ النضال الفلسطيني على اهتمام العالم وأفكاره ولماذا لا يظهر كصراع أخلاقي عظيم كما قال مانديلا عن تجربة جنوب إفريقيا، وينال الدعم العالمي، وأكد بأن مجرد الكلام عن السلام عموماً لا يكفي. يجب (أن نقدم أسسا مادية له، ناتجة عن رؤية أخلاقية، بعيدة عن [البراغماتية] أو [الذرائعيةٌ]. إن أردنا أن نعيش- هذا هو واجبنا الأساسي-يجب أن لا نستحوذ على خيال شعبنا فحسب بل خيال مضطهدينا أيضاً، ويجب أن نتمسك بالقيم الإنسانية الديمقراطية.)

Pages