ان تنامي ظاهرة التكتلات الاقتصادية الكبرى وانشاء مناطق التجارة الحرة والاسواق الواسعة، والتي جاءت في ظل تطورات دولية واقليمية هامة ومتسارعة، تنبئ عن قيام مرحلة جديدة في نظام العلاقات الدولية تقوم قواعدها على التجمعات الاقتصادية الكبرى بدءاً من الوحدة الاورب
أنت هنا
قراءة كتاب الإنسان بين المادة والروح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
مدخل:
ان ظاهرة العولمة هي تطور تاريخي طبيعي فهل يتطور التاريخ من تلقاء نفسه ؟ أم ان هناك من يصنعه ؟ ان الشواهد التاريخية تعطينا الاجابات المصححة عن هذا التساؤل فمثلما تحكم الاقوياء في الماضي او بالاحرى صنع الاقوياء للتاريخ بما فيه من تقدم علمي وتقني تساوت ثقافتهم السياسية ومفاهيمهم الاقتصادية والايديولوجية يتحكم اليوم الاقوياء بسيادة هذه القيم والافكار والسلوكيات واذا كان التاريخ في الماضي في فترة ما صنعته دولة او امبراطورية فان التاريخ اليوم وسيادة مفاهيمه تصنعها أكثر من دولة بنسب مختلفة يتوازى وما تملكه كل دولة من هذه الدول من قدرات ومؤسسات متنوعة اقتصادية ومالية وعسكرية واعلامية وثقافية وغيرها وليس العالم بأجمعه كما يوصي به مصطلح العولمة. فاذا اخذنا على سبيل المثال الزيادة المطردة لعدد الشركات المتعددة الجنسيات التي صعدت من 11000 شركة الى 82 ألف شركة فرعية يصل حجم مبيعاتها إلى 25 بالمئة من حجم التجارة العالمية عام 1975 لتصل الى 37500 شركة تتحكم ب 207000 شركة فرعية تبلغ قيمة مبيعات فروعها الاجنبية وحدها ما يساوي حجم التجارة العلمية عام 1990 كما ينعكس ذلك في تطور قيمة الاستثمارات الاجنبية للدول الصناعية الكبرى فقد ارتفعت استثمارات اليابان الخارجية على سبيل المثال من 17 مليار دولار عام 1980 الى 217 مليار عام 1990 أي 12 ضعفاً في مدة عشر سنوات أما الولايات المتحدة فقد زادت استثماراتها الخارجية من 110 مليارات دولار عام 1980 الى 206 مليارات دولار عام 1991 وزاد حجم التداول اليومي في البورصات العالمية من حوالي 200 مليار دولار عام 1980 الى 1200 مليار دولار عام 1995 كما ان 90 بالمئة من الاستثمار الاجنبي يذهب مباشرة الى ما يزيد عن 12 بلد أي تحتكره مجموعة من الدول لايصل عددها الى نسبة 8 بالمئة من مجموع دول العالم.
ويرى المحللون ان العولمة لها تأثيرات ايجابية وتأثيرات سلبية ومن ايجابياتها ان هناك مشاكل انسانية مشتركة لايمكن حلها من منظور السيادة الوطنية المطلقة للدولة التي يقوم عليها النظام الدولي القائم حتى اليوم منها انتشار اسلحة الدمار الشامل والتهديدات النووية والبيئية و تطور الاوبئة والامراض المعدية وانتقال الايدي العاملة بكثافة من منطقة الى منطقة اخرى وانتشار الجريمة والمخدرات وغيرها.