كتاب "النظرية السياسية بين التجريد والممارسة، للكاتب والمؤلف د.إبراهيم أبراش، كما يقول في مقدمته: "لا بد من الاعتراف بأن عملنا هذا هو محاولة لمقاربة موضوع النظرية السياسية، سواء على مستوى الجانب المفاهيمي أو على مستوى الممارسة في ظل عالم باتت تحكمه المصالح
أنت هنا
قراءة كتاب النظرية السياسية بين التجريد والممارسة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
3- السياسة العامة، وهي الرياسة على الجماعات.
4- السياسة الخاصة وهي معرفة الإنسان بكيفية تدبير أمر المنزل.
5- السياسة الذاتية وهي معرفة الإنسان لنفسه وأخلاقه ومراجعة أقواله وأفعاله.
بالنسبة لابن خلدون (10) ، فقد اعتبر أن السياسة ضرورة بشرية، فنظر لما في طبائع البشر من الاستعصاء فلابد من وجود وازع يزع بعضهم عن بعض (11)، ولكنه ميز بين المُلك والرئاسة، فالمُلك هو السياسة بمفهومها الحديث، والمُلك لا يكون إلا بالغلبة والقهر، أما الرئاسة فصاحبها متبوع، ولكن ليس له على متبعيه قهر أو سلطة نافذة، ويقول في ذلك: "إن الآدميين بالطبيعة الإنسانية يحتاجون في كل اجتماع إلى وازع وحاكم يزع بعضهم عن بعض، فلابد أن يكون متغلباً عليهم، وإلا لا تتم قدرته، وهذا التغلب هو الملك، وهو أمر زائد على الرئاسة، لأن الرئاسة إنما هي سؤدد، وصاحبها متبوع، وليس عليهم قهر في أحكامه، وأما الملك فهو التغلب والحكم بالقهر(12)" ، ثم يحلل ابن خلدون السياسة التي هي نتيجة طبيعية للاجتماع البشري ويقسمها إلى ثلاثة أنواع:
1- السياسة الطبيعية التي يقصد بها حمل الكافة على مقتضى الغرض والشهوة.
2- السياسة العقلية، وتعني حمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنيوية ودفع المضار، وبالتالي يحصل نفعها في الدنيا فقط، وهي على وجهين: أحدهما يراعى فيه المصالح العامة ومصلحة الحاكم في استقامة ملكه بصفة خاصة، ثانيهما يراعى فيه مصلحة السلطان، وكيف يستقيم له الملك مع القهر والاستطالة، وتكون المصالح العامة في هذه تابعة لمصلحة الحاكم. هذه السياسة العقلية هي سياسة سائر الحكام سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين، وإن كان المسلمون يجرون منها على ما تقتضيه الشريعة الإسلامية بحسب جهودهم.
3- السياسة الشرعية، وتعني حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية والراجعة إليها، هذه السياسة يحصل نفعها في الدنيا والآخرة، لعلم الشارع بالمصالح الدنيوية والأخروية.
ومن الإسهامات السياسية المتميزة لعلماء المسلمين، ما جاء به ابن قيم الجوزية (13)، فقد تبنى ابن الجوزية تعريف ابن عقيل للسياسة بأنها "ما كان فعلاً يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد "، كما تبنى قول الشافعي "لا سياسة إلا ما وافق الشرع". إلا أن ابن الجوزية فسر هذا القول بانه يعني، لا سياسة إلا ما وافق الشرع ولم يعارضه، وليس أن لا سياسة إلا ما نطق به الشرع، فهذا الفهم الأخير غلط وتغليط للصحابة (14). وهذا التمييز بين ما نطق به الشرع وما وافق الشرع يفتح باب الاجتهاد وإعمال العقل أمام العلماء ليشرعوا بما يتوافق مع الظروف المتغيرة.