أنت هنا

قراءة كتاب النظرية السياسية بين التجريد والممارسة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
النظرية السياسية بين التجريد والممارسة

النظرية السياسية بين التجريد والممارسة

كتاب "النظرية السياسية بين التجريد والممارسة، للكاتب والمؤلف د.إبراهيم أبراش، كما يقول في مقدمته: "لا بد من الاعتراف بأن عملنا هذا هو محاولة لمقاربة موضوع النظرية السياسية، سواء على مستوى الجانب المفاهيمي أو على مستوى الممارسة في ظل عالم باتت تحكمه المصالح

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 10
ثانياً: هل علم السياسة علم الدولة أم علم السلطة؟
 
في بداية ظهور علم السياسة كعلم مستقل قائم بذاته في منتصف القرن التاسع عشر، كان يُنظر إليه كعلم الدولة، وهذا ما يتضح من خلال التعريف الذي أعطاه معجم ليتره للسياسة عام 1870 "السياسة علم حكم الدولة"، وهو تعريف كان متأثراً أو سائراً على هدى الدراسات والمفاهيم السابقة منذ دولة اليونان القديمة التي نحتت كلمة Polis)) بمعنى دولة المدينة.
 
فعلم السياسة كعلم الدولة يهتم فقط بالدولة كمؤسسة قائمة محكومة بالقانون ومسيرة بسلطة سياسية، أي إنه يهتم أساساً بالدولة والحكومة والقانون، وأنصار هذا الرأي لا يرون الظاهرة السياسية إلا حيث تكون دولة ذات وجود قانوني- وقد سبق أن أوضحنا ذلك-.
 
وقد تعززت هذه النظرة مع أنصار وكُتاب نظرية السيادة وهي النظرية التي تجعل الدولة التجسيد الكامل لسيادة الأمة، أي لمجموعة فعالياتها السياسية الداخلية والخارجية، ودراستها هي دراسة هذه الفعاليات، كما تبنى هذه النظرة لعلم السياسة كعلم الدولة بعض المفكرين المعاصرين من أمثال روجيه سولتو Roger Soltau) ) وجان دابن (Jean Dabin) ومارسيل بريلو ( Marcel Perelló)، ويعجب هؤلاء من التفكير بأي موضوع رئيس لعلم السياسة غير الدولة، ويتساءل دابن عما يمكن أن يكون علم السياسة إن لم يكن علم الدولة؟  (15)
 
إلا أنه مع تطور علم السياسة، بدأ هجر هذا المفهوم لعلم السياسة كعلم الدولة إلى النظر إليه كعلم القوة، أو السلطة. فمع أن الدولة مؤسسة اجتماعية أو "مؤسسة المؤسسات" كما توصف، إلا أنها ليست خارج المجتمع، بل إفراز له وتعبير عن مكوناته وعلاقات القوة التي تحكم وحداته، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن حصر علم السياسة كعلم للدولة يثير تساؤلات حول: ماذا نعني بالدولة؟ وما هي صورها؟ وما هو موقف علم السياسة من المجتمع المدني بتنظيماته وأنشطته وعلاقاته؟ وإذا كان علم السياسة هو علم الدولة فقط، فما هو الشأن بالنسبة لمجتمعات وُجِدَت قبل وجود الدولة ومجتمعات موجودة اليوم وغير ممأسسة على شاكلة الدولة الغربية المعاصرة؟ وضمن أي علم ندرس التنظيمات والجماعات كالنقابات والأحزاب وجماعات الضغط والحركات الاجتماعية والدينية؟
 
وهكذا، فإن التوجه الحديث يتعامل مع علم السياسة كعلم القوة والسلطة، وهو توجه يتجاوز النظرة القانونية والمؤسساتية التي كانت تحكم علم السياسة إلى نظرة جديدة تبحث في كل أشكال علاقات القوة التي تحكم المجتمع، سواء كعلاقة قوة بين أفراده بعضهم ببعض، أو كعلاقة قوة بين وحدات المجتمع والدولة كجهاز سياسي، والتعامل مع علم السياسة كعلم القوة، أي كعلم يهتم بالسلطة وبكيفية الاستيلاء والمحافظة عليها وممارستها ومقاومته. هذا التعريف لعلم السياسة هو الذي يميزه عن العلوم الأخرى، ومن هذا المنطلق يرى مارسيل بريلو (Marcel Prelot) أن فكرة السلطة هي الموضوع الخاص بعلم السياسة: "ولجميع فروع هذا العلم موضوع مشترك هو دراسة السلطة في المجتمع من مختلف وجوهها... فموضوع هذا العلم ليس الدولة فقط، وإنما أيضاً الجمعيات المحلية والنقابات والمؤسسات والكنائس، "فكل تجمع يعود لعلم السياسة فور حيازته سلطة".(16) 

الصفحات