كتاب الرواية الفسلطينية والتراث" لمؤلفه سمير الجندي، هو دراسة قام بها الكاتب معتمدًا على روايات ديمة السّمان أنموذجًا، وحول ما دفعه إلى دراسة هذا الموضوع، يقول: "إيماني بما يشكّله التّراث من أهميّة وقيمة بالنسبة إلى الأمّة التي تعمل على أن تبقى قويّة أمام
أنت هنا
قراءة كتاب الرواية الفلسطينية والتراث
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
الرواية الأولى: الضلع المفقود
صدرت رواية الضلع المفقود عن دار العودة للدراسات والنشر في القدس العام (1992)، بالتعاون مع اتحاد الكتَّاب الفلسطينيين، وتقع الرواية في (284) صفحة من الحجم الكبير، وتدور أحداثها في البلدة القديمة من القدس الشريف، في حي الواد الذي تصفه في الصفحات الأولى من الرواية قائلة: "حي الواد منحدر قديم.. ينساب من جبال القدس العتيدة.. شكلته منذ آلاف السنين الطبيعة.. عُرف قبل أن يعرف الزمن له تاريخًا.."(1)، ويمتد زمن الرواية بين أواخر حكم الأتراك مرورًا بأيام المجاعة و(السفر برلك) وانتهاءً بنكبة فلسطين العام ثمانية وأربعين، وتصف لنا حياة الأسرة الفلسطينية وطبيعة أعمالها وعاداتها وتقاليدها، وارتباطها في مدينتها ومسجدها الذي سرى إليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعرج منه إلى السموات العلى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وأبطال روايتها (سليم العطار) الذي يعمل بالعطارة والطب الشعبي، وعائلته المقدسية، فسليم الذي لم تنجب له زوجته ولدًا يحظى بالصدفة بعروس أخرى من أصل هندي (عنبرة) شاءت الظروف أن يتعرف إليها بعد وفاة زوجها الهندي في موسم الحج، يتزوجها على الرغم من معارضة أهل الحي على زواجه، لكنه يرزق بولد منها (عيَّاش) بعد أن تقوم بمعالجة زوجها بالطريقة الهندية التي تعرفها تمام المعرفة، وهي بخلط أنواع من الأعشاب واستعمال سُم الحية ودم البومة والغراب؛ كدواء ما جعل أهل الحي ينظرون إليها بعين الحسد والغيرة، بل إنهم يصفونها بالساحرة، وتعرج الكاتبة على الصراع الذي كان دائرًا بين عائلتي الحسيني التي يمثلها في الرواية (سليم العطار) وعائلة النشاشيبي (التي يمثلها الحاج زهدي لقمان) ويعمل بالسقاية على زعامة الحي و(المقصود زعامة القدس)، وتبين الأساليب التي استعملها كل طرف للإيقاع بالطرف الآخر، لتصل حد القتل والحرق والنهب، فعنبرة تتعرض للحرق لأن عائلة (لقمان) المنافسة لعائلة سليم العطار تعتبر أن عنبرة زوجة سليم العطار هي التي قتلت زعيمها (الحاج زهدي لقمان) بوضع السُّم له بالدواء، فيكون هذا الحادث مِفْصلاً مهمًّا في الرواية، إذ يستغل بعض المنتفعين هذا الأمر لصالحهم فيصبح (شداد) الذي كان راعيًا للأغنام قائدًا لشباب عائلة سليم العطار، فيسرق ويقتل وينهب ويحرق ما تطاله يداه من أملاك عائلة لقمان الأمر الذي يسبب الألم لسليم العطار، فيختفي في ظروف غامضة عن الساحة، ويرجح الجميع بأنه قُتل على أيدي عائلة لقمان، فيحتشد شباب عائلة العطار الذين يتزعمهم شداد فيقومون بحرق بيوت عائلة لقمان فيهرب من الحي الذين لا يمكن لهم الدفاع عن أنفسهم، وتقوم (أمينة) أخت سليم العطار بإرسال عياش إلى جده وأخواله في الهند خوفًا على سلامته، لتنتقل أحداث الرواية إلى الهند، فالمكان في الرواية له أهمية كبيرة إذ أن القدس غير الهند، فتصف لنا الكاتبة الريف الهندي، وتتغير الشخصيات في مساحة واسعة من زمن الرواية، ينشأ عيَّاش في رعاية جده وأخواله، فيتعلم عن الأعشاب وفوائدها ويصبح خبيرًا بالعلاج بالأعشاب، إلاَّ أنه يقع في حب ابنة (المهراج)، ما يسبب الخوف والقلق عند عائلة جده الذي يعمل مزارعًا هو وعائلته في أرض المهراجا، فالفروق الطبقية كبيرة في هذا البلد، والمهراجا صاحب السلطة لن يقبل بهذه العلاقة، فإذا علم بها فإنه سيقتل عياشًا، ويطرد الجد وعائلته من الأرض التي يعيشون عليها، فصار عياش بين نارين؛ إما (مريم) التي يحبها وتبادله هذا الحب، أو جده واستقراره وأمنه، ويكتشف بأن ابنة خاله (عائشة) تحبه أيضًا، وتتمسك بحبها له بكل جوارحها حتى أنها تحيك ضد مريم المؤامرات، فيحاول جده إقناعه بصعوبة هذا الحب وأن ابنة المهراجا على الرغم من صدق مشاعرها إلا أنها ليست من ثوبه، فيقرر عيَّاش الرجوع إلى فلسطين، فيصل إلى ميناء حيفا على متن إحدى السفن، ثم ينتقل إلى بيته في القدس لتستقبله عمته أمينة بحفاوة بالغة، فتدعو أبناء العائلة شبابها ورجالها حتى ينصبوه زعيمًا على العائلة مكان والده، فيجابه بمعارضة كبيرة من شداد الذي تتضرر مصالحه بوجود هذا الشاب، فتنقسم العائلة بين مؤيد ومعارض لعيَّاش بتحريض من شداد الذي كون شلة من الزعران والبلطجية، ثم تكتشف العائلة جرائم شداد فتقصيه عن العائلة، وتنفيه خارج المدينة ليصبح عيَّاش الزعيم الوحيد للعائلة.