كتاب" التكيف في المؤسسات الصناعية"، يعتبر التكيف في المؤسسات الصناعية من تفرعات علم النفس الصناعي التي حظيت باهتمام كبير من قبل المؤسسات الصناعية واتحادات العمال في الدول المختلفة، وذلك لأن التطور إلى النظرة الإنسانية للعمل وضعت العامل أو الموظف محط اهتمام
أنت هنا
قراءة كتاب التكيف في المؤسسات الصناعية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
أهداف علم النفس
لعلم النفس – شأنه في ذلك شأن العلوم الأخرى- أهداف ثلاثة:
1- فهم السلوك وتفسيره، بمعرفة أسبابه وشروطه المختلفة.
2- التنبؤ بحدوثه.
3- ضبطه والتحكم فيه بتعديله وتحويره وتحسينه أو اقتلاعه من جذوره.
إنه يساعدنا على فهم دواتنا وأنفسنا ومن حولنا من الناس – فهم الدوافع التي تحركنا وتحرك الناس جميعاً، ومختلف الظروف والمواقف التي تثير هذه الدوافع وفي هذا الفهم ما يعين الناس على حسن التفاهم وإقامة علاقات إنسانية سويه و أفضل فهم لنواحي القوة والضعف في شخصياتنا وشخصيات غيرنا لاستثمار الأولى وتفوقها وتعديل الأخرى. ذلك إن جهل الإنسان لنفسه ودوافع سلوكه مصدر لكثير من متاعبه ومشاكله ومعتقداته الباطلة واندفاعاته النفسية. بل إن كثيراً من ألوان السخط والشقاء فيما يكابده الإنسان يرجع إلى أنه لا يعرف ما يريد. كما أن كثيراً من ضروب التخبط التي يأتي بها الفرد ترجع إلى أنه لم يحدد الأغراض والبواعث التي تقوم وراء سلوكه تحديداً كافياً. فمن أراد أن يكون سيد نفسه وأن يكون حراً فليعرف نفسه. ومن أراد أن يتوافق مع الناس ومع نفسه فليعرف نفسه. الواقع إن علم النفس يستطيع أن يقدم الكثير لعالم يتزاحم بالأزمات والصعوبات والمشكلات من كل جانب: الأمراض النفسية والجريمة والصراع الصناعي والتعصب العرقي والنزاع الدولي.
إن هذا الفهم يساعدنا على التنبؤ إلى حد كبير. وللتنبؤ أكثر من وظيفة و فائدة. إذ بواسطة نستطيع أن نأخذ الاحياطات للمستقبل وأن نتجنب ما قد ينجم عنه من أضرار ومخاطر. فصاحب العمل أو المنشأه إن استطاع أن يتنبأ بوقوع قلافل بين العمال من علامات طفيفة تبدو عليهم، تسنى له أن يتدارك الأمر وإن يدرء عن نفسه شراً مقبلاً. والسلوك المنحرف لدى الطفل قد يكون مقدمة نذير بمرض نفسي أو عقلي خطير يمكن تداركه في بدايته أو التحوط له. والتنبؤ يوفر علينا كثيراً من الجهد والوقت. فلو عرفنا نسبة الذكاء لطفلين في الثامنة من العمر مثلاً، استطعنا أن نحكم، وأن يكون حكمنا صحيحاً إلى حد كبير، بأن أولهما لا يستطيع أن يتجاوز مرحلة الدراسة الابتدائية، وأن الثاني يستطيع أن يمضي إلى أبعد من ذلك بكثير، هذا إن لم تتغير ظروفهما الأخرى تغيراً كبيراً. وإذا عرفنا استعداداً فرد لمهنة معينة وعدم استعداده لأخرى، تسنى لنا أن نجنبه الفشل من دفعه في عمل ليس مؤهلاً له.
الواقع أن التنبؤ بسلوك الناس صعب وعسير، وذلك لتعدد العوامل والدوافع التي تثيره وتوجهه وتعدله. لذا كانت تنبؤات عالم النفس، كتنبؤات عالم الأرصاد الجوية، عرضة في العادة لقدر من الخطأ يفوق ما يحدث في العلوم المضبوطة غير أن هذا لا يذهب بفائدتها وقيمتها. يعتبر توقع العواقب أفضل من التخبط على كل حال. ولم يقل أحد إننا نستطيع أن نستغني عن تنبؤات الطقس لأن علم الأرصاد كثيراً ما يخطئ تقديره.
وإذا كانت الدقة في التنبؤ مقياساً لحسن الفهم، فضبط السلوك والتحكم فيه هو من جراء هذا الفهم. فإذا عرفنا الدوافع اللاشعورية الخافية التي تقوم وراء المشكلات السلوكية للأطفال، كالسرقة أو الكذب أو الهرب. تسنى لنا علاجهم علاجاً علمياً بمعالجة هذه الدوافع. التي تحركنا إزاء أطفالنا وأصدقائنا وتلاميذنا استطعنا أن نتحكم في سلوكنا وأن نعدله إن كان سلوكاً غير مرض.. لقد بينت الدراسات الحديثة في علم النفس أن الآباء والأمهات كثيراً ما يتخذون أطفالهم كبش فداء وهم لا يشعرون. فالوالد المهمل يتهم أولاده بالإهمال ويؤاخذهم عليه، وكذلك الوالد الكسول. والوالد المستقبل و المضطهد في عمله يصب جام غضبه عليهم، والوالد الذي ضيق عليه وهو طفل قد يطلق العنان لأولاده ويسرف في التراخي معهم. والأب الذي حرم من دراسة معينة أو مهنة معينة قد يقحم ابنه في طريق الحصول عليها بالرغم من عدم ميله إليها أو استعداده لها. . ومنتهى القول إن الوالد متى عرف طبيعة الدوافع التي تتحكم في سلوكه نحو أولاده استطاع أن يتحكم في هذه الدوافع، أو أن يرضيها بطرق أفضل، أو أن يعدل سلوكه إزاءهم بما يتلائم مع الأصول الصحيحة للتربية. بما يتلائم مع الأصول الصحيحة للتربية.