كتاب" التكيف في المؤسسات الصناعية"، يعتبر التكيف في المؤسسات الصناعية من تفرعات علم النفس الصناعي التي حظيت باهتمام كبير من قبل المؤسسات الصناعية واتحادات العمال في الدول المختلفة، وذلك لأن التطور إلى النظرة الإنسانية للعمل وضعت العامل أو الموظف محط اهتمام
أنت هنا
قراءة كتاب التكيف في المؤسسات الصناعية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
مفهوم الصناعة
للصناعة معنيان أحدهما ضيق محدود وآخر واسع شامل. فهي بالمعنى المحدود الذي يرد في كتب الاقتصاد والإنتاج تفيد كل مجهود ينصرف إلى استخراج ما في باطن الأرض والبحر وكذلك ما في الجو المحيط من موارد طبيعية. وتفيد أيضاً تحويل هذه المواد أو الخامات وما في حكمها على نحو يهيئها لإشباع الحاجات. ومن ثم تنقسم الصناعات إلى مجموعات رئيسية ثلاث:
أ. صناعات استخراجية مثل استخراج البترول من آباره، والفحم وركاز الحديد من المناجم، وصيد الأسماك واللآلئ من البحار والمحيطات.
ب. صناعات تحويلية كصهر الحديد وتخليصه من الشوائب وتحويله إلى صلب وسحبه في صور عدة كأسياخ التسليح للمباني و الصناعات المختلفة بما فيها السبائك.
جـ. صناعات إنشائية مثل بناء السفن والأحواض العائمة والموانئ والمصانع والمساكن.
أما الصناعة بمعناها الواسع و الدارج الشامل- في اللغات العربية الإنجليزية والفرنسية فتتسع لجوانب كثيرة متعددة من النشاط الاقتصادي وغيره، سواء كان مجالها المصنع أو المتجر أو المكتب أو المدرسة أو الحقل أو الجيش أو المهن الحرة. فنحن نقول صناعة النقل، وصناعة السينما، وصناعة الفنادق، وصناعة الثقافة بل تذهب لغتنا إلى أبعد من هذا فتقول صناعة الشعر، وصناعة التعليم، وصناعة الخطابة. ويقصد بالصناعة هنا كل علم يحصل عليه الإنسان بمزاولة العمل. وفي اللغة الفرنسية تدرج الزراعة في زمرة الصناعات. وهم لا يقصدون بذلك إلى الصناعات الزراعية، إنما يرمون فلاحة الأرض واستنباتها. ولنذكر أن كلمة industry في الإنجليزية تعني في الأصل "حب العمل والانكباب عليه" أيا كان نوعه.
ويرى بعض العلماء أن يقتصر علم النفس الصناعي على أوجه النشاط الصناعي ومشكلات الصناعة بمعناها الضيق المحدود. في حين يرى آخرون بسط مجال هذا العلم كي يحيط ويعالج قضايا الصناعة بمعناها الواسع الشامل. وهذا ما نفتقده ونؤكد عليه، وإن كنا سنركز في أغلب الأحيان على الصناعة بمعناها المحدود، وذلك لما نحن في حاجة راهنة إليه.
نشأة علم النفس الصناعي وتطوره كان العمال مع بدء الحركة الصناعية وكمخلفات للعهد الاقطاعي قوه جملة وغير محسوبة. كان ذلك قبل الثورة الصناعية (1)، وحتى بعد هذه الثورة بفترة من الزمن. فقد كانوا أول الأمر أرقاء وعبيداً، ثم أخذ أصحاب الأعمال ينظرون إليهم نظرتهم إلى الآلات التي يديرونها، ثم عدوهم سلعة تشتري وتستخدم كما تستخدم "الأشياء" والمواد الخام يهيمن عليها قانون العرض والطلب. وقد كان العامل في نظر أرباب الصناعة كسولاً بطبعه يكره العمل بفطرته فهو لا يعمل إلا طمعاً في المال أو خوفاً من الطرد، ولا يبذل من الجهد في عمله إلا على قدر ما يدع عنه الجوع والبطالة.
ولم يغب هذا الوضع البائس عن شعور بعض الفلاسفة والأدباء والاقتصاديين، منذ مطلع القرن التاسع عشر، فوجهوا الأنظار إلى الخطورة التي لابد أن يتمخض عنها هذا الاتجاه الذي يرمي إلى مجرد جمع المال وتكديس الثروات، ويجعل من رأس المال طاغية مستبداً، غافلاً عن العوامل والاعتبارات الإنسانية في الصناعة والإنتاج. لكن ملوك الصناعة وأرباب المال أصموا آذانهم واستكبروا ولم يلقوا لذلك بالاً.