أنت هنا

قراءة كتاب حورية الماء وبناتها

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حورية الماء وبناتها

حورية الماء وبناتها

رواية "حورية الماء وبناتها"، هذا العمل هو الكتاب الأربعون في سلسلة الأعمال الشعرية والروائية التي أصدرها سليم بركات طيلة حياته الإبداعية التي بدأها قبل أكثر من أربعين عاماً ومازال مستمراً في هذا العطاء. رواية ‘حورية الماء وبناتها’، ‘رحلة في سفينة سياحية.

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
(Dendrophyllia Ramea)
 
  فقاعاتٌ متواصلةُ القذفِ تداخلت زوابعَ رقيقةً بلَّوراتٍ من الأجساد الستة للحوريات، في الدوران إحداهنَّ من حول الأخرى، متلامساتٍ صَفْعاً ناعماً بزعانف أذيالهنَّ الطويلة· تقاربت وجوهُ خمسٍ منهن زُرْقِ الجلود· تبادلنَ نفْخاً بالفقاعات الصغيرة خيوطاً متعرِّجة في خروجها من الأفواه، فيما راقبتهنَّ السادسةُ الشديدة البياض وجهاً، مبتسمةً في تَحْنانٍ· تلوَّتْ زعنفةُ ذيلها البرتقالية، العريضة، خفْقاً قويًّا، فاندفعتْ جسداً زيتاً في ماء الأعماق، المرتَّقِ الفتوقِ بشعاعاتٍ ميساءَ من ذاكرة الشمس المائية· لحقتِ الأجسادُ الخمسة الأخرى بها في حركاتٍ زيتٍ من زعانفهن·  
 
هي الأمُّ كاليْسْ، البيضاء، المرقَّطة بحراشف رمادية على كل جلدها إلاَّ الكتفين والصدر، ساقتْ بناتها، ذلك اليوم من مطلع أيلول، من مضيق بحر هِيْلاكرِيْتُوثِيْنِيْسْ إلى بحر تْرِيْتُونْفال، كعادتها كلَّ عام: رحلةُ لهوٍ بين الصدوع الحجرِ الأشدِّ ضيْقاً، في الأعماق هناك، وبين أعمدة البراكين متجمِّدةً بعد مَسيْل مصهور· رحلةُ استذكارٍ للموضع الأول اختمرتْ فيه الخليةُ الأولى لنوع كاليس الحورية، في صَدَفة الوجودِ منطبقةً على خيالِ البقاء نَسَقاً صُلْحاً أبرمتْهُ المصادفاتُ، وهدنةً من الضرورة تمتحن بها تردُّدَ العَدَمِ في تقدير المعقول· رغبةُ كُلِّ حورية، من نوع كاليس، تكفيها كي تحبل بخمس إناثٍ مثلها، من تلقاءِ رحمها بلا ذَكرٍ يُسافِدُها، وأن تلد في أيما مكانٍ من أقاليم المياه، ثم تصحَبَ نسلَها، بالحنين الموصوف للخلية المائية في طبعِ المائيين، إلى الموضع الأول لانبثاق النوعِ الحورياتِ؛ الموضعِ الثغرةِ الدائرية في عُرْضِ بحر تريتونفال، الظاهرة من سطح المياه طوقاً أصفرَ بالأنفاسِ اللونِ من بستان شقائق البحر البرتقالية، والمرجان الأصفر، أسفلَ، في الوَهْدَةِ العميقة أحدَثَها صَدْمُ نيزك للأرضِ أو أحدثتْها اللوعةُ قعَّرتِ المكانَ، هناك، بثقلٍ من خيبة الأرض أن يتخيَّرَها الوجودُ لقياسِ اتِّزانه·
 
من الكهف، أسفلَ الصخرة المستوية على الشاطئ انتصبَ عليها ثلاثةُ تماثيل بعيونٍ مَعْدَنٍ على أفق المياه، في مضيق بحر هيلاكريتوثينيس ـ المضيق الأوحد عبوراً صوب بحار الشمال، قادت كاليس بناتها الخمس، ذوات الشعور الصُّفر، إلى الغمر الأعظم في الشمال النهائي الأعظم· برزت جباههُنَّ حتى الأنوف من سطح الماء، قبل انطلاقتهن· ألقينَ نظرة من عيونهن ذوات الحدقات البرتقالية، والصفر، على التماثيلِ الثلاثة ـ المرأةِ البرونزِ، والرَّجُلين النحاسِ، التي اعتدْنَ سماعَ همسها، مرةً واحدةً كلَّ اكتمالٍ للقمر في شباط: هَمْسٌ مُخْتَلَسُ النَّبْر على ألسنتها المعدنِ كنداء حصاةٍ في سقوطها خافتاً على حصاة· كاليس، وبناتها، لم يفهمن الدَّالةَ من الهمس ذاك، لكنهنَّ دأبْنَ في الإصغاء إليه كلَّ اكتمالٍ للقمر بشباطَ· دأبْنَ في تأويل ذلك· دأبْنَ في تقليب ذلك بموجباتٍ من عللِ الخصائص المفقودة، وشوق الملغز إلى الملغز· ألقيْنَ نظرةً على التماثيل يوادعْنَها من مكامن عيونهن فوق شقِّ الجرحِ المائيِّ· غطسْنَ ثانيةً· تلامسْنَ بأذيالهنَّ الطويلة، وانطلقن غوْصاً متعرِّجاً باندفاعات أجسادهن السهامِ الزيت، في الأعماق·

الصفحات