رواية "الطريق إلأى مكة" للروائي اليمني محمد الغربي عمران، نقرأ منها: "الحمدُ له المتعالي عن أن يكونَ لثواقب العقول والأفكار مَـــرَاسٍ لآفاق عظمته، المتجلل عن أن تعبر مختلفاتُ الألسنِ واللغاتِ عن كــُــنــْـهِ صفتِه، المتقدس عن الصفة ونفيها اللائقين بإبداعه
أنت هنا
قراءة كتاب الطريق إلى مكة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
- يمكنه البقاءُ في الحانوت عند خروجك·· حتى عودتك·· أَوْ أن يجلبَ لك بعضَ الأشياء··
عاد يتفحص قامة الطفل·· ثم قال موجهاً كلامه إ ليه:
- لا بأس يا صغيري·· فلنرَ ما سنصنع سوياً بهذه الحياة·
تشبث الطفل خوفاً بأصابعها· وقد خشي أن تتركه لدى ذلك الشيخ وتمضي·· يسترق النظر، فيرى عالـَـماً من رفوف عديدة·· يرفع ذلك الشيخُ كفه مشيراً بإصبعه المرتجفة·· وهو يقول:
- سأنتظر قدومَــك غداً يا مساعدي الصغير؟·
ردت عليه وأصابعُها تعبثُ بوجه الطفل·
- سيكون برفقتك منذ الصباح الباكر·
تنفستُ ُ بعُمق حين ودَعَتهُ مستديرةً من حيثُ أتينا·· ممسكةً بمعصمي·· حدثتني في طريق العودة:
- لماذا كنت مضطرباً؟·
- خفتُ أن تتركيني وتمضي!·
- ألم أحدثك بأنك ستعمل مساعداً لرجل لطيف؟·
- بلى، ولكني لم أتخيل أن يكونَ اليوم·
- عليك بحفظ الطريق فغداً ستأتي وحيداً·
لا زالت تسكنني لحظة اضطراب ذلك اليوم·· أخذت تقطعُ بي الأزقة والشوارعَ الفاصلة بين بيتنا وتلك الحوانيت المتداخلة ذهاباً وإياباً عدة مرات·· مسالك غريبة·· تشير إلى واجهة تلك الدار تأمرني أن أحفظ ما عليها من: زخارف ياجُوريَّــة·· بروز مشربيات دار مقابلة·· قناطر وعُقود حَجَرية نسير تحتها·· تلك السواني التي تسيرُ في منحدراتها أثوارٌ هبوطاً وصعوداً·· بعير تحت سقيفة معصوب العينين يدورُ حول
صخرة سوداء·· مئذنة عالية تزينها زخارفُ ناتئة·· جدران طويلة من الطين لبساتين نرى فروعَها تتدلى·· حوانيت متراصة في كــُــلّ اتجاه·· سقوف مخرَّمة·· وأخرى تحيلُ ممرات السوق إِلـَـى سراديب معتمة·· أصوات·· ألوان·· روائح· كــُــلُّ تلك العلامات اختزنها عقلي·