أزقة العقل السعودي: للكاتب الصحافي محمدالطريري، الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، كتاب يذهب بعيداً في رصد التفاصيل السعودية إلى مناقشة الكثير من القضايا التي تجتمع رغم تباعد عناوينها في سعودية البطل أو المسرح أو الحدث.
أنت هنا
قراءة كتاب أزقة العقل السعودي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
فضول الجماهير
يتصف المجتمع السعودي بحب الاستطلاع، وليس هذا إلا تعبيراً يغلف بحياء خاصية الفضول لديه، وهو يبدأ من مجرد حادثة سير بسيطة في أحد الشوارع، إلى أن يتوج بمتابعة حية وعلى الهواء مباشرة لإحدى العمليات الأمنية لقضايا الإرهاب·
وهذا الاهتمام ليس جديداً، إذ أن تاريخ المجتمع القريب يشهد لهذا الولع بحب الاستطلاع، فأحداث حرب الخليج الثانية كانت محطة من محطات الفضول، ونداءات الدفاع المدني التحذيرية بقدوم ضيف جديد من صواريخ العراق العتيقة، تواجه باتباع وسائل السلامة، ولكن على الطريقة الخاصة، فبدل التخفي في الأقبية والمخابئ، يكون اعتلاء أسطح البنايات لمشاهدة الصاروخ والصاروخ المضاد، ومن ثم تبدأ في المجالس رواية أسطورية لهذه العملية بكامل تفاصيلها، وربما زيد على التفاصيل ما ليس منها·
والخطر الناجم عن حضور المواجهات الأمنية مع الإرهابيين، لا يساوي متعة الرؤية للحدث حياً على الهواء، ورصاصة عمياء قد تقضي على مستقبل واعد، وعلى رغم التحذير الصادر من الجهات الأمنية بخطورة التجمهر في أماكن المواجهات، إلا أن الطبع يغلب التطبع، ويكون الإصرار على الحضور هو العنوان البارز، فطلقات الرصاص تملأ السماء والعديد من المواطنين يعتلون أسطح المنازل لرؤية الحدث، وليس مهماً أن يحدث لقاء بين إحدى الرصاصات وأحد المواطنين·
وكان سقوط أحد المواطنين من سطح أحد المباني أثناء محاولته متابعة احدى المواجهات ثمرة للفضول، فبعد أن انهال الرصاص في أنحاء مختلفة، حاول الشاب الهرب من سطح المبنى، فوقع من أعلى السطح، ونتج من سقوطه كسور وجروح مختلفة، نقل على إثرها للمستشفى، وتدخلت عناية الله تعالى ليخرج من المستشفى بعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، ويقتصر الضرر على الكسور والجروح، ولم تخطفه رصاصة طائشة·
هذا الهوس بحب الاستطلاع، لا يتوقف ضرره على الفضولي وحده، إذ يتعداه إلى تعطيل أهل الاختصاص عن مباشرة أعمالهم، فشكوى الدفاع المدني مستمرة من المتجمهرين أثناء مواجهتهم أحد الحرائق، وهكذا الهلال الأحمر عند محاولته الإسعاف في حادثة مرورية، ويزداد الأمر سوءاً عندما تفاجأ وأنت تسير على أحد الطرق السريعة بوجود اختناق مروري، وكأنك أمام نقطة للتفتيش، لتكتشف أنه كان وقوفاً لرؤية حادثة على الضفة الأخرى·