أزقة العقل السعودي: للكاتب الصحافي محمدالطريري، الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، كتاب يذهب بعيداً في رصد التفاصيل السعودية إلى مناقشة الكثير من القضايا التي تجتمع رغم تباعد عناوينها في سعودية البطل أو المسرح أو الحدث.
أنت هنا
قراءة كتاب أزقة العقل السعودي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
السويدي والفلوجة
فوجئ عبدالله بوصول رسالة على هاتفه النقال، تفيد بتغيير اسم حي السويدي إلى حي الفلوجة· تبدو الطرفة واضحة في مغزى الرسالة، إذ لا يكاد يمر حدث على المجتمع من دون المرور على جمارك التندر والتعليق· الرسالة المذكورة تزامنت مع المواجهات الأمنية مع الجماعات الإرهابية، وكذلك مع أحداث الفلوجة في العراق، وكان حي السويدي في جنوب الرياض أكبر مسارح المواجهات مع الإرهابيين·
بعد ذلك، توالت المواجهات الأمنية مع الإرهابيين في الكثير من الأحياء، وربما فاق بعضها حي السويدي في عدد المواجهات، إلا أنه انطبع في ذهن المتابع ارتباط السويدي بالإرهاب لدرجة التشبيه بالفلوجة، فما مدى دقة الوصف؟ وهل يدعم الواقع هذا الافتراض؟
ينفي رئيس مركز الإشراف التربوي في حي السويدي (المركز يشرف على جميع مدارس التعليم العام للذكور في الحي)، الدكتور عبدالله بن ناجي آل مبارك، أي دور للتعليم في وجود تشدد ديني، مؤكداً دوره الإيجابي في تعليم الطلاب القيم التربوية والاتجاهات السليمة·
وأضاف آل مبارك: مدارسنا تؤدي رسالتها وفق المنهج الذي قامت عليه هذه الدولة، وانطلاقاً من سياسية التعليم في المملكة التي تعمل على إعداد المواطن الصالح في جميع مراحله العمرية
وعما إذا كان للمعلمين دور في نشر أفكار تحرض على العنف، رفض الدكتور آل مبارك وجود علاقة تؤيد هذه الفكرة، مضيفاً: أمضيت عدد من السنوات في مركز الإشراف التربوي في الحي، والمعلمون يؤدون أدوارهم التربوية في ما يخدم الرسالة التعليمية، وفي ما يخص الطلاب لم نبلغ بوجود حالات لديها جنوح نحو أفكار العنف
وأشار إلى وجود برامج تربوية وقائية ينفذها مركز الإشراف لمدارس السويدي كافة، واستطرد وضع المركز في خطته السنوية برامج مختلفة، كالمحاضرات والندوات والمسابقات الثقافية، إضافة إلى المعارض الوطنية التي تبين أثر التفجيرات الإرهابية في استهداف أمن الوطن
واعتبر إمام وخطيب جامع شيخ الإسلام ابن تيمية في حي السويدي (يشتهر الجامع بإقامة الدروس العلمية) الشيخ فهد الغراب، أن ربط حي السويدي بمصطلح الإرهاب أساء إلى الحي وساكنيه، غير أنه ذكر بعض الأسباب التي ساعدت على ذلك، من أهمها تلبس جماعات العنف بالدين، ولأن حي السويدي من الأحياء التي تكثر فيها مظاهر التدين، لذا أطلق هذا الوصف على الحي· وعدد الغراب أبرز مظاهر التدين في الحي، توافر العلماء منذ وقت الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله، وقرب دروسه من حي السويدي وتكاثر طلاب العلم عنده، وكذلك الشيخ عبدالله بن جبرين ودروسه الكثيرة، والشيخ عبدالله بن قعود وغيرهم من طلاب العلم، لافتاً إلى أن ذلك أوجد حركة علمية شرعية، ظهر أثرها في أهل الحي عامة·
وأضاف: كذلك لا أنسى انطلاق الدورات العلمية الصيفية المكثفة في بعض مساجد الحي، وكثرة المساجد فيه، وقرب المقر الرئيس لجمعية تحفيظ القرآن، ووجود مكتبين للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات وغيرها وأرجع الشيخ الغراب هذا الاعتقاد الخاطئ إلى وقوع البعض في مشكلة التعميم، شاركت فئة قليلة من أبناء الحي في هذه الأعمال الإجرامية، فعمم على الأهالي، مقارناً هذا التعميم بما أعقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عندما اتهم كل سعودي بالإرهاب·
من جهته، اعتبر المهتم بشؤون جماعات العنف عبدالله بن بجاد العتيبي، أن النشاط الديني والكثافة السكانية لحي السويدي، جعلتا من الحي مجالاً رحباً لتنافس الجماعات الإسلامية المختلفة في دعوة الشبان إلى صفوفها وتحذيرهم في الوقت ذاته من الجماعات الأخرى المنافسة، وأضاف: كان هناك الإخوان المسلمون، والسروريون والجهاديون والسلفيون والتكفيريون والتبليغيون، وكانت مناطق نفوذ هذه الجماعات تختلف من مكان لآخر، وكل جماعة لها نفوذ معين، إما على الحلقات العلمية في المساجد، أو النشاطات الطلابية في المدارس وهكذا وأكد العتيبي أن التكفيريين وجدوا في البيئة المتدينة في الحي ملاذاً آمناً لهم ومجالاً رحباً لنشر دعوتهم، خصوصاً في الأوساط السلفية والسرورية·