أنت هنا

قراءة كتاب سيرة ظل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سيرة ظل

سيرة ظل

في رواية "سيرة ظل" للروائية العراقية نضال القاضي، تبث الكاتبة السطوع في الظل أكثر من الأصل، تسيطر على أدواتها وفق مفهوم "الادارة الهندسية" من دون ان تفرط بالخيال، التاريخ في هذه الرواية التي تتبع سيرة أسرة عراقية باسلاميتها ويهوديتها ومسيحيتها وعربيتها وكرد

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
 كبيرة لها دقة بك بن، وناقوس ذهبيّ يتدلّى داخل هيكل خشبي جميل يقوم على أربع قوائم بزوائد مخلبية منحوتة بمهارة، كان والد سطيفان قد اشتراها من مزاد، لكن حين أيقظت في اليوم التالي الحيّ بأكمله أسكت ناقوسها الذهبيّ الجميل إلى الأبد، ومذ ذاك وهي خرساء· هناك أيضا حاجز خشبيّ مضلّع من ستة ألواح بتيجان وزخارف يفصل غرفة الاستقبال عن غرفة الطعام، التي تتوسّطها مائدة من الأبنوس بيضوية بساق واحدة متينة ثبتت عند المركز، يبرز من فوقها عند المنتصف جدع شمعدان من البرونز بخمس، فيما تطلّ على الحديقة ثلاثة شبابيك انسدلت عليها ستائر ساتان خضر مشعّة، ترعش دفقة الهواء قبالتها أعناق زهرات كاردينيا بيضاء تفوح رائحتها النفاذة التي لا أحتملها، فغادرتُ الغرفة وأنا أنقل بصري ببطء إلى الأعلى لأتأمّل أسلوب بناء القبّة وكان صادما بالفعل! فأن يرى المرء آثار أقدام بشر على الأرض أمر جدُّ طبيعي، لكن أن يجدها على السقف والحيطان هذا ما لم أجد له تفسيرا في حينه، ربما أراد صاحبها أن يضيف نفسه إلى الموجودات النفيسة، يضيفها هي إليه ربما يريد أن يبقى وحسب !· وجدت أيضا أكداسا من الكتب على المناضد، كتابان أو ثلاثة على الأريكة تنوّعت بين تاريخ وفلسفة وعلوم طبيعية، فأحسست أنّ ثمّة أمرا ما يدور في خلد ما، ولنفترض ذلك، ما علاقة هذا كله بالمشي على السقوف والحيطان؟!
 
حملت حقائبي ودخلت الممرّ الطويل وعلى أحد جانبيه غرفة جلوس صيفية اكتست بالغبار وأوراق الأشجار، وعلى الجانب الآخر غرف نوم متشابهة خلا بعضها من الأثاث فاخترتُ أقربها إلى غرفة المكتبة، وضعت الحقائب على الأرض وجلست على حافة السرير· عليّ أن أصفّي ذهني الآن، قلت في نفسي، سآخذ حمّاما ساخنا وفنجانا من القهوة وأرى فيما بعد من أين أبدأ· 
 
القلم والأوراق على المكتب وأنا أذرع الغرفة كما هي عادتي جيئة وذهابا· في الفنجان أبصر عيني تترقرق والباب الخشبيّ يحرّكهُ الهواء فينفتح ببطء على عمود نور وحصاة هائلة، نمتْ في تقعّر علويّ لها نبتة مستدقة الأوراق مبسوطة كالكفّ يقال لها مخالب القطّ، ويدفع الباب في حركته ضوء القمر، فالمسطح المائيّ فالكتل الطينيّة الجافة إلى الخلف، أمّا في الممرّ فتبدو المرآة غير معنية بالمكان، فالأجسام التي تقف أمامها تتلاشى صورها، تظهر تدريجيا بعد حين وكأنها مصممة بحسابات زمنية دقيقة · ثمّة أيضا أصوات تصدر من غرفة في جهة ما ملحقة بالمنزل تقطنها عائلة الحارس وصوت حشرة تزحف، 

الصفحات