أنت هنا

قراءة كتاب صخب ونساء وكاتب مغمور

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
صخب ونساء وكاتب مغمور

صخب ونساء وكاتب مغمور

تدور رواية "صخب ونساء وكاتب مغمور" للروائي علي بدر حول عالم صاخب من النساء والفنانين والشعراء المزيفين الذين يتجمعون في استوديو صغير في بغداد، حيث تدور أحداث حياة الكاتب المغمور الذي يحلم بكتابة رواية يحصل من خلالها على المال والجوائز والنساء، ونتعرف من خلا

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
قبل أن أصل السوق، دخلت وسط عمارات الموظفين بشققها الضيقة وبالكوناتها التي تحولت إلى معرض للملابس المغسولة والمشرورة: بنطلونات/قمصان/ أتكات/ دشاديش/ ومن تحتها تظهر السوتيانات النسائية والكالسونات الحمر والبيض والسود ·· أصبحت مباشرة، ومن دون تفكير في ميدان روائح المياه القادمة من الحمامات نحو البالوعة في منتصف الشارع· بين رائحة الصابون الصيني الذي يعط بتقليديته المريعة للصابون الإنكليزي، وروائح المزابل: زبالة البناية/ والمطاعم/ والمحلات القريبة من كراج السيارات، في العطفة الصغيرة وشيش المغاسل في مطاعم الفول والفلافل المصرية··· وأيضاً: روائح علب الشامبو المرمية من صالونات الحلاقة التي تمتزج مع الأبخرة المتصاعدة من بقايا المازوت المحترق·· مدن·· مدن على طراز كولنيالي·· مدن مصنوعة وموضوعة على طراز غربي، مدن-حداثة، عمارات ·· شوارع أسفلتية، تطليعات، زجاج كونكريت، بالكونات صالونات··· وبالقرب منها مزابل محلية كما كانت بغداد أيام علاء الدين·· هل هو جزء من الفلكلور؟
 
سألت··· أين السوق···؟
 
فجأة أصبحت أمام السوق، باعة السمك، بسطيات الخضرة والفجل والبصل والخباز والسلق، قصاع الليمون، عربات السحب التي تحمل الفواكه الناضجة، باعة الروبيان القادم من البصرة، باعة الأعشاب الطبية والمراود والديرم، باعة الحمرة والماكياج، باعة الخبز الساخن الخارج توا من الفرن، باعة البيبسي كولا المحلي الذي يشبه رائحة الأسفنيك، باعة الأحذية المسروقة من المساجد، والراديوات المسروقة من السيارات، الإسكافيون الذين يجلسون على الأرض، والقنادر العتيقة معلقة على الحيطان، باعة السجائر بالمفرد، باعة الأدوية الطبية: المقوي الجنسي، مكافحة الصلع، ومراهم نزع الشعر، كارتونات بيع المقصات والسبح والدرنفيسات والسكاكين، وبين جدار لآخر هناك عركة بالسكاكين والشواكيش على المكان بين هؤلاء التجار الجدد المتسرحين من الجيش حديثا، وكل واحد منهم يخرج سلاحه على الآخر يرعد ويزبد ويتوعد، وكان علي أن أخفي تقززي، وبدلاً من النظر إلى السوق الآن وفي شكله، وعلى طريقة الكتاب الذين يكتبون سيرهم، كان علي أن أخترع له سيرة ذاتية أيضاً، وأن أفكر بتأريخه، وأقول وأنا أمر من عربات السمك التي تنبعث جيفتها: الله ··· هذا المكان كان فيما مضى، أيام الجارية تودد ملهى العوادين والشعراء والتجار·· وأصبح أيام الاحتلال الإنكليزي ساحة للبائعين وأصحاب السيارات وبضائع العطارين والسلعيين
 
وكان علي أن أتخيل وأنا أسير، تقزز آلاف الكتاب والأدباء من هذه القلبالغ، وصراخ البرجقات واللوريات وأصحاب الحمير والكدش، وأن أتخيل كيف كان مصلحو الفرفوري والجراخون والكبابجية وباعة الصمون والفاكهانية في الستينيات يسدون الطريق بصخبهم، ولكن جدي اشترى هذا الأستوديو من ضابط مسيحي أحاله الرئيس عارف على التقاعد بعد أن هرب الطيار المسيحي منير روفة إلى إسرائيل، وقد صاحت صاحبة الصيدلية المقابلة للسوق : خطية ·· شنو ذنبه ·
 
وقالت جرجيت المسيحية: يا ناس شوفو هذا شلون ظلم···

الصفحات