أنت هنا

قراءة كتاب الساحلية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الساحلية

الساحلية

رواية "الساحلية"؛ نقرأ منها: وحيدين نقطع الطرق الملتوية بين الأزقة الضيقة الى حيث لا تخبرني  نوارة.. كنت أوزع النقود على الفقراء في البيوت الآيلة للسقوط التي نقصدها، أربطها في صرة قماش مشجرة، أطرق الأبواب، وأتركها معلقة على مقابضها ونختفي.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
كل ما أتذكره تمتمات الجارة الحمقاء وهي تقول: اللهم احفظ عبدك المسجى على أرضك من شرور الجن·· ومن غدر الإنس·· اللهم آمين .
 
كان كل شيء قد انتهى على خير· وجدت نفسي أدعو في قلبي تتمة لقول الجارة: "للهم احرس الإمبراطورة من صعاليك الليل ومن غدر العتمة، وأعنّي على رؤيتها"·
 
كانت الليلة الأولى منذ عشر سنوات التي أنام فيها في بيت العائلة، وأترك بيتي الخاص يضج بزوجتي الملولة من شقاوة الأولاد· منذ زمن طويل كنت أتمنى لو تتاح لي هذه الفرصة·· أن أنام في غرفتي وعلى السرير الذي احتضن أجمل أحلام طفولتي· وها قد جاءت الفرصة، ولكنني في وضع لا يسمح لي باجترار سعادة اللحظة تحسباً لحضور إمبراطورة الليل التي قد تهبط مرة أخرى في أي وقت للقائي والسؤال عن حالي· ألم أنزوِ هنا بسبب رعبي منها؟ أليست هي من حفزني لهذا الخوف الأزلي؟ أليست هي هروبي؟ كنت أفكر طوال الوقت في كيفية اللقاء ونوعية الأحاديث التي يجب أن تقال في حضرة إمبراطورة، وماهية الطقوس التي يجب أن تمارس· ورحت أهتف بأعلى صوتي··
 
يا ملكة الليل قد خذلني التعب··
 
يا امرأة الليل ما عدت أستطيع تحمل أنّة القلب··
 
يا امبراطورة الأحلام··
 
يا سيدة الفوضى والغموض··
 
يا مليكتي المحبوبة··
 
أيتها المجهولة·· المتوجة ملكة وسط حراب الظلام·· ترجلي بعيداً عن عربتك السماوية واكشفي اللثام عن هويتك· إذا كان النهار لعنتك فأنا أمنحك بركة المصابيح الكهربائية ولهفة الشموع· تعالي هنا في صومعتي المتواضعة حيث خبزت أيامي المضنية وأتلفت الكثير من صخب أحلامي· اتركي بهرجة النفايات ورائحة العفن فهنا ستحفك رائحتي العطرة وأنت معززة مكرمة دائماً وأبداً في قلبي وذكرياتي·
 
يا مليكتي غريبة الأطوار··
 
سيدة العجب واللهو المباح·· تنازلي عن كبريائك الزائف واقتربي ما دام جو العزلة مخيماً على الغرفة الرطبة· اسمحي لي بأن أكنس العتمة حول وجهك؛ فلربما أعرفه وتكونين تلك المرأة التي أثمرت في ذاكراتي واحة الأماني، التي اجتثوها بشراسة من واقعي في غفلة من عواطفي الغضة·
 
من أنتِ؟
 
يا سيدة الليل والحطام·· يا امرأة الحلكة والوحدة·· يا ملكة الغياهب والسؤال·· لماذا نبت فجأة من حطام الخرابة معتلية عرشك المتواضع؟ ولم أكون الضحية المختارة؟ هناك العشرات بل المئات ممـن يقطنون حي سيادي، أو يقطعون هذا الدرب المظلم من الأحياء المجاورة لمنطقة محطة السيارات القديمة· أغلبهم يحتقرونك دون أن يعلموا حقيقتك·· يستهزؤون من تواضع عرشك المزعوم·· يشمئزون من وساخة مملكتك، وليس هناك من ولاء يقدمونه لك سوى بصاقهم، تبولهم، تبرزهم أوحتى استمنائهم النجس في لحظة خلوة·
 
مليكتي··

الصفحات