رواية "الساحلية"؛ نقرأ منها: وحيدين نقطع الطرق الملتوية بين الأزقة الضيقة الى حيث لا تخبرني نوارة.. كنت أوزع النقود على الفقراء في البيوت الآيلة للسقوط التي نقصدها، أربطها في صرة قماش مشجرة، أطرق الأبواب، وأتركها معلقة على مقابضها ونختفي.
أنت هنا
قراءة كتاب الساحلية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
يا سيدة المفاجآت والبهرجة·· يا امرأة التحول والكبرياء أنا بانتظار قدومك وأعلن بحب بأنني لست خائفاً منك· أنا خائف من الظلام الدامس· كنت وما زلت أعتبره وحشاً كاسراً يلهو بأعصابي بسماجة دنيئة· لم أعد خائفاً منك أيتها المبجلة· سأمنحك فرصة اللقاء ما دمت تصرين على جعلي المخطئ الوحيد لدى بلاطك· هاأنذا أمنحك فرصة العمر فاقتنصيها قبل فوات الأوان·
كان صوتي المبحوح يخفت تدريجياً بينما تستقر نظراتي للأعلى دائماً، على السقف حيث أنتظر هبوط موكبها الملكي الزاهي· ولم أشاهدها· أعرف أنها تسمعني حتى لو لم أصرخ أو أتكلم· أعرف أنها تقرأ لغة عيوني وأنها تتجول حول غرفتي أو داخلها، ولا أعلم لماذا هي متمنعة عن وصلي حتى الآن·
كان ذلك أشبه بالحلم·· حلمي القديم·· المتجدد حين وجدتها تتربع قربي على السرير، تجمعت صورتها بطريقة مذهلة· دخان أشبه بالضباب يتسرب من كل فتحات الغرفة ويتجمع عند قدمي حيث تجلس· حضرت مليكتي أخيراً تتدثر بدخان ناصع البياض منكسة رأسها في الأرض، تاركة لشعرها الطويل فرصة حجب معظم وجهها الذي أتلهف لرؤيته· أحسست بقدميّ باردتين أول الأمر ثم لم أعد أحسهما جزءاً من جسدي·
مليكتي··
يا لعنة السحر وعنفوان الوشم الأبدي·· ملكة القدرة والمستحيل، ارفعي وجهك الوضاء ودعيني أبدأ مسيرة اكتشافك اللذيذة·· أخرجي من غلالة الدخان وكوني رعية· دعيني أستخرج أنوثتك جانباً وأدغدغ مشاعر الحب في قلبك·· هذا الدخان البغيض أمقته·· أسمحي لي بأن أقدم لك نصيحة خالصة·· هذا الدخان لن يمنحك الغلبة في لعبة الحصار·· هذا التكثف الضبابي الأخرق يهدم صروح نضارتك البهية·
مليكتي··
الوقت يمضي سريعاً ولعبة التمنع التي نتبادل أدوارها لن تعيننا على لذة الاكتشاف الجميل· أخشى أن تغادريني إلى دنياك المجهولة قبل أن نشرب نخب اللقاء الأول· ماذا تنتظرين؟ ها هي أمنيتك الغالية تتحقق دون أدنى مشقة منك؟ من يدري فلربما أنت العقل المدبر لهذا المخطط الغرائبي؟ كل شيء جائز وممكن في هذا الجو الجنائزي· كل شيء يصبح ممكناً عندما تخرج الأسئلة عن ألفتها وتغدو كلماتها مفترسة تتلف أعصابي·
ماذا تنتظرين؟
لقد بدأت أضجر من تصرفاتك، التي يبدو أنها تجنح للأفعال الصبيانية، وهذا الدخان المنبعث من حولك بكثافة بدأ يضايقني· إنه يتغلغل إلى داخلي مخترقاً مسام جسدي حاملاً معه جرعات من الخمول والدهشة· أرجو ألا يكون طابورك الخامس يتقصى نقاط الضعف ومعاقل الخوف في نفسي· لا حاجز يجب أن يفرقنا بعد الآن· لا بد وأنك تشهدين الآن بأنني قد تخلصت من خوفي وأرقي ومن ظنوني الشريرة حتى ألتقي بك ونفضح السر الكبير·
ماذا تنتظرين؟
سلبيتك تقتلني· كيف ذلك وأنت الملكة الملهمة·· الذات العظمى التي بيدها الأمر المطاع والنهي القطعي· انكفاؤك على نفسك جرم خطير في حقي· هذا السلوك يؤلب عليك مكر الأتباع وطمع الحاشية·· صدقيني· أخرجي من قوقعتك الدخانية· استكشفي عالمي بنفسك ودون وسائط تافهة· لا تمنحي الضغائن الشريرة فرصة الوشاية فأنا أحترق شوقاً وأنت تتلذذين بشهوة الترقب· وهذا الدخان بات غصة في حلقي، وأنت بالطبع لن تسمحي له بالتمادي في إذلالي· لن تمنحيه فرصة الانتقام· أليس كذلك؟ تدركين جيداً كم أمقت الدخان فهو بارع في اللهو السمج بكتم أنفاسي·
عدت لا أرى شيئاً· لا الإمبراطورة المشاكسة ولا قدمي الغائبتين· مجرد دخان بغيض يتمادى في تسليته السخيفة وهو يستعمر الغرفة، وأنا على وشك التقيؤ بسبب ضيق التنفس المزمن· وأخيراً تقيأت في حضني ثم على السرير· حدث ذلك إثر نوبة سعال حادة انتابتني فجأة· أحسست بحركة رشيقة من إصبع نحيف، إصبع امرأة بالتحديد يدخل بلعومي ويقيؤني·