رواية "الساحلية"؛ نقرأ منها: وحيدين نقطع الطرق الملتوية بين الأزقة الضيقة الى حيث لا تخبرني نوارة.. كنت أوزع النقود على الفقراء في البيوت الآيلة للسقوط التي نقصدها، أربطها في صرة قماش مشجرة، أطرق الأبواب، وأتركها معلقة على مقابضها ونختفي.
أنت هنا
قراءة كتاب الساحلية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
هذه الثرثرة لا تقدم ولا تؤخر، إنها فقط سلوى مخدرة لجروح القلب· تركت هاجس الظلام ينتحر على شاطئ اللهفة وخرجت من البيت المهجور· كان الباب موصداً، مهاناً بفعل الصدأ الذي التهم فواصله الحديدية منذ خروجنا الأخير، لذلك قفزت فوق السور الواطئ· تلقفني الظلام الدامس، وكانت كل الدلائل تشير إلى عودته المظفرة من معركة ضارية خاضها ضد القمر، صرعه فيها وكبل محيطه بغيوم من أتباعه·
كنت أرى بوضوح تام لا يقبل الشك أن ثمة آثار أقدام صغيرة ومضيئة تتوغل في الأزقة لتقودني الى مكان ما فتبعتها على الفور· كانت تختفي عندما أسبقها وأتركها خلفي لتعود من جديد وتستلم القيادة· أحسست بدقات قلبي تتصادم فيما بينها· هذا الطريق أعرفه جيداً· كنت أبكي كلما تأكدت ظنوني من الوجهة التي كانت تقصدها الأقدام، التي لم أعد قادراً على تخطيها· أصبح قلبي يضج بالشوق، والقلق، والخوف، والترقب·
أعرف أين ستتوقف هذه الخطوات المسحورة· ذلك البيت هو البقعة الوحيدة التي كانت تبعث في نفسي ثقة وراحة سرمدية· كنت صغيراً، وظنوا أنهم عندما يلقمونني ضغينتهم ويلفقون كذبة سوداء عن غيابها سأصدقهم· فلتعلمي يا امرأتي بأنني - رغم عقلي اليافع آنذاك- وقفت في وجوههم البليدة واستنكرت وشايتهم الرخيصة· منذ ذلك الوقت وهم يكرهونني ويحسبونني نبتة شيطانية زرعت في بستان العائلة·
أنا الغصة التي كدرت بلعومهم··
أنا اللغز الذي استعصى على فهمهم··
أنا اللعنة التي تلاحق ضمائرهم وتكشف ألاعيبهم الماكرة··
أنا الذي أنتظر ثلاثين عاماً أو أكثر من أجل أن يكذب اتهاماتهم الدنيئة ولم يصدق كلمة واحدة من قاموس الألم والخداع واللؤم المتقن في حقك·
أنا قادم يا امرأتي الجميلة··