أنت هنا

قراءة كتاب ثالوث وتعويذة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثالوث وتعويذة

ثالوث وتعويذة

بين اللاشعور وأعماق الوعيّ الوجودي تحاول الكاتبة العمانية زوينة الكلباني من خلال روايتها "ثالوث وتعويذة" رسم لوحة مشبعة بالألم الداخلي الذي يتغلغل في الذات الإنسانية، ومحاولة البحث عن ماهية الوجود من خلال التعمق في إشكالية ظلت مستعصية منذ الحقبة الأولى للوج

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9
قهقهت فطوم طويلا، تعجبني ضحكتها كثيرًا·· مخملية ناعمة·· تعج بالأنوثة، وعندما سألها سعود عن السبب، أجابت بصوت عالٍ:
 
- تذكرت رحلتنا إلى (جونيه) وقصة نورة مع التلفريك···
 
لكزتُ قدمها القريبة مني لأخرسها، لا أريدها أن تكشفني وتضعني تحت المجهر··· ما زالت تكركر!!، إنها مستغرقة في تداعيات ذاكرتها·· أذكر يومها كيف اهتمت بالأمر ومضت تحلل مع ماريتا خوفي من المرتفعات، كنت منشغلة بمراقبة المكان لكن أذنيَّ بقيت معهما، ضربت ماريتا أمثلة كثيرة لأناس مصابين برهابات مختلفة كالمرتفعات والأماكن الصغيرة المغلقة أو المظلمة، وحاولت إيجاد أسباب منطقية تقف وراءها··· فلسفة الأمور عادة متأصلة فيَّ لكني يومها لم ألق لهما بالا، فالكلام سهل ولا يكلف الشيء الكثير···
 
انتبهت إلى سعود وهو يتفرس في وجهي، فاستطردتْ فطوم قائلة:
 
- نورة، على فكرة سعود يتقاطع معك في نقاط كثيرة·
 
قلتُ مغيّرة موضوع الحديث:
 
- والله ما رأيته اليوم من سعود كافٍ لأن أقرَّ أن الفضيلة والخير موجودتان في شبابنا···
 
ابتسم قائلا:
 
- ما فعلت ذلك إلا بدافع طبيعتي، ولا أستحق عليه شكرًا·· ولو تركت الأمر لي لتماديتُ في دلالك··
 
لفــت انتباهـــي رجــل على الطاولة المجاورة ذكرني بابن عمي عبد العزيز، سبحان الله العينان نفساهما لامعتان كعينيِّ ذئب·· أنا وعبد العزيز منذ صغرنا عالمان متباينان بل خطان متوازيان لا يلتقيان··· أطواره غريبة وطباعه عسرة تزيدني نفورًا منه، فظلت علاقتي به في توتر دائم·
 
وفي الطريق صادفنا متجرًا لبيع الكتب والجرائد العربية، اشتريتُ جريدة، وألقيتُ نظرةً سريعة على الأخبار العربية جل العناوين تشير باستمرار إلى عواصف المقاومة العراقية ضد قوافل الغزاة·· وأعداد القتلى والجرحى في حوادث السيارات المفخخة باطراد مستمر···
 
ألقيتُ بالجريدة جانبًا، وانشغلتُ بمراقبة الشارع الذي يطويه التاكسي طيًا، ووجدتُ نفسي بلا شعور للمرة المليون غارقة حتى النخاع في العدّ·· أُحصي كل ما تقع عليه عيناي، البنايات·· الأشجار·· المصابيح·· اللافتات·· حتى الخطوط البيضاء المتقطعة التي تغطي أرضية الشارع·· انتبهتُ للهاثي في العدَّ، تبًا لهذه العادة الغريبة التي لا أجدُ لها تفسيرًا·· !·

الصفحات