رواية "أن تخاف"، تتناول فيها الكاتبة هدية حسين، هموم وواقع الإنسان العراقي في الداخل، وفي الشتات، والتي سبق للكاتبة معالجتها من خلال ست روايات، وأكثر من مجموعة قصصية، بالإضافة إلى قراءات نقدية في القصة والرواية.
أنت هنا
قراءة كتاب أن تخاف
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
امرأة جميلة في الخامسة والثلاثين لقيت حتفها أمام باب شقتها بأربع طعنات نافذة وعميقة في الرقبة، والخنق بسلك متين، ما تزال أصابعها تمسك بالمفتاح، وفي اليد الثانية حقيبة يدها، والباب موارب حيث حُشرت فيه قدمها اليمنى·
عاين زهير مراد الجثة وفتح الحقيبة ليدون مساعدُه موجوداتها، جزدان صغير فيه خمسمائة دينار، قلم شفاه، قلم كحل، دفتر ملاحظات، نظارة شمسية، زجاجة عطر ومناديل ورقية·
في دفتر الملاحظات قرأ زهير مراد عدداً من الأسماء وأرقام الهواتف، واحتفظ بالدفتر، وكانت تقف إلى جانبه فيروز السعدي صديقة أنغام عارف، التي حضرت بعد عشر دقائق من مجيء الشرطة ، كانت قد بكّرت بالمجيء بعد ليلة قلقة لم ترد أنغام على تلفوناتها المتكررة، فهالها مشهد القتل وتجمهرُ الجيران والعابرين·
طافت على الوجوه المغبرّة غلالات الحزن والأسف، لكن الغلالة السميكة الداكنة كانت للخوف الذي ترك بصمته الثقيلة على النفوس وتبرعم فيها·· البعض ظل ينظر من بعيد كأنه يخشى أن يُتهم، وآخرون اقتربوا من الجثة، ليس لأن الخوف لم يتمكن منهم، بل ليتمعنوا بمشهد القتل ويتحوّطوا من بشاعته، ولم يجرؤ الكثير منهم على النظر في عيني الضابط لأكثر من ثانيتين، فقد كانتا مخيفتين في تلك اللحظات، زاد من رهبتهما شاربان كثان وبذلة زيتونية·
فتش زهير مراد ومساعده غرف الشقة وزواياها، ولم يُعثر على ما يثير الاهتمام، الشقة مرتبة والأشياء في مكانها، كل شيء هادىء ومغطى بالغبار، وصلت سيارة الإسعاف، وحُملت الجثة على نقالة إلى المشرحة·
قبل أن يغادر الجميع دوّن زهير مراد بشكل سريع أقوال فيروز السعدي، التي بدت شاحبة شحوب الموتى ومذهولة، قالت إنها حاولت أن تستبقي صديقتها للمبيت عندها حينما بدأت العاصفة، إلا أن أنغام أخبرتها بأنها لم تغلق نوافذ شقتها·
تحشرج الكلام على شفتي فيروز السعدي ثم أجهشت في البكاء، طلب منها زهير مراد أن تهدأ لكنها لم تستطع لأن مشهد صديقتها بعينيها المفتوحتين رعباً قد أربكها وأرعبها، وبعد وقت ليس بالقليل سألها المحقق بضعة أسئلة سريعة، تتعلق بمن يتردد على شقة أنغام عارف، وعن الذي قد يكون له علاقة بهذا الحادث المروع، واستجوب أيضاً عدداً من الجيران الذين أكدوا أن العلاقة بين المجني عليها وبينهم علاقة طيبة، وأنها جارتهم منذ سنوات لم يسمعوا عنها ما يشين ولا عداوة لها مع أحد، دوّن ملاحظات عامة، مختتماً الكلام مع فيروز بالقول: سنحتاج إلى شهادتك المفصلة في مركز الشرطة، وأمر أن تشمّع الشقة بالشمع الأحمر·