أنت هنا

قراءة كتاب السلالم الرملية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السلالم الرملية

السلالم الرملية

"السلالم الرملية" رواية للشاعر والروائي سليم بركات، صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2007؛ قسمها بركات الى عشرين فصلاً، عشرة منها معنونة بالعربية والعشرة الأخرى معنونة بالأجنبية، وكانه في مسعاه هذا يريد أن يزيد من الطلسمة والإلغاز، وإرباك القارئ

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
Sodermalm
 
أأنتِ تبحثين عني؟، سأل الرجلُ الأنيق، القَلِقُ العينين، فتاةً من نَسْل الشرق الراكد في جرار المغول· بوغتتِ الفتاةُ الشاحبة قليلاً· رفعت وجهها المستدير إليه، تتأمَّله بعينيها المختبئتين في صَدَف أجفانها ـ أجفانِ من يتَّقي الريحَ الخفيَّةَ فيُطبقُها·
 
لا أبحث عنك، ردَّت باعتذارٍ لامعنى له، فَحَأدَ الرجلُ الأنيقُ عنها على عَجَلٍ· اعترضَ شخصاً آخر: أأنتَ تبحث عني؟، فتجاهلَه الشخصُ الآخر·
 
عشرةُ أنفارٍ، أو أكثر، تجاهلوا سؤال الرجل الأنيق· حادوا عَنْه، وأكملوا عبورهم إلى منابت الحظوظ في عالم الأعالي، خارج نفق سُوْدِرْمَالمْ ـ محطَّةِ الأَقفال المُهْمَلة·
 
خلا النفقُ لحظاتٍ إلاَّ من الرجل ذي السترةِ الجلدِ البُنيَّة، الطويل الشعر حتى شحمتَيْ أذنيه· دار بعينيه القلقتين على رسوم الجدران، التي أُنجزتْ على أنقاض رسوم قديمة: جمعٌ في عباءات من كل لونٍ· على كتف كل امرأة، من ذلك الجمع، كُرةٌ متشقِّقة من بازلتٍ أسود· في الشقوق قُصاصاتُ ورقٍ عالقةٌ، منحشِرةٌ حَشْراً كأنما أُدخلتْ إليها عنوةً بالأصابع، وعليها حروف مقلوبة، أو متداخلة، من لغة منسية·
 
أصداء خطوات كالقهقهة عَلَتْ، رويداً رويداً، في النفق، بمجيء المُقبليْنَ إلى لقاء القطار القادم· وصل القطار المُبشِّر باعتراف الكمال بين يديِّ الوقت الكاهن· انزاحت الأبواب، بانزلاقةٍ غاضبة إلى جانب هيكله المديد· تنفَّست مقطوراتُه، فهرعت الجموعُ خارجةً مع أنفاسها المعدنية، ثم انتشرت· تقاطعتِ المعاطفُ والقبعاتُ خرائطَ ارتجلتِ المصادفةُ رَسْمَها بحنْكةِ التهوُّر· تبادلتِ الناسُ أعضاءَها على عَجَلٍ، واستردَّتْها على عَجَل، منقسِمَةً على جبهات الأدراج الآلية، في حروبٍ صامتةٍ بلا قَتْل·
 
تحرَّكتِ الأدراجُ على جهَتيِّ النَّفق·
 
ساكنةً صعدتِ الأجسادُ، بشفاعة الحركة الحالمة للعتلات الحالمة في الباطن المعدنيِّ، إلى فوَّهات الكهوف·
 
أأنتِ·· أأنتَ··، ارتفعت كلماتُ الرجل الأنيق مستوقفاً البعضَ باعتراضهم، فتجاهلوه، أو هزوا رؤوسهم بلا جواب، وأكملوا عبورهم إلى منابت الحظوظ في الأعالي، خارج نفق، سُوْدِرْمَالمْ ـ نفقِ الأصفار المُخَادِعة·

الصفحات