"السلالم الرملية" رواية للشاعر والروائي سليم بركات، صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2007؛ قسمها بركات الى عشرين فصلاً، عشرة منها معنونة بالعربية والعشرة الأخرى معنونة بالأجنبية، وكانه في مسعاه هذا يريد أن يزيد من الطلسمة والإلغاز، وإرباك القارئ
أنت هنا
قراءة كتاب السلالم الرملية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
رسومٌ جديدةٌ أغرقتِ النَّفقَ بسُلطة جِدالها ـ جدالِ البراعة المُسلِّية: سفن كثيرة ذوات أشرعة، صغيرة الحجوم في المشهد· سماء نقيَّة· بحر نقيٌّ· هدوءٌ مُبْتَذَلٌ· زُرْقةٌ مُدَخَّنة بخمولٍ كثيرٍ صَرَفَه مَنْ وَضَعَ الرسومَ كي يؤكِّد للعين جمالَ الخمول· لكن طيورَ البَفَن ـ عرائسَ القطبِ المجتهد في تذكير الخيال بنَزَقِِ إقليمه، بدتْ ضخمةً باستوائها على خط الُبعد الأقرب من أبعاد المسافات المفترضَة عُمْقاً، داخل جدار النفق· السفن، في البعيد، أصغر من مناقيرها المثلثة· السماء والبحر، معاً، مجفَّفان في حيِّزهما الضيِّق، المتراجع أمام الرحابة المفرطة لحيِّز أجساد البَفَن، الطائرةِ أو الواقفةِ على خطِّ البرزخ ـ نهاية التقاء الرسم، على علوِّ مترين، بالفضاء الإسمنت المتروك نَهْباً لوساوس الرماديِّ: أسفلَ فضاء الإسمنت ثَمَّتَ الأرضُ الحصى والسكَّتانِ الحديدُ· أسفلَ الأرض الحصى والسكتين ثَمَّتَ الظلامُ الكاتبُ، يليه الظلامُ القارىُ، الذي تليه ـ أسفلَ أسفلَ ـ جموعُ النفق منعكسةً في مرايا السَّحَرَةِ المفقوديْن·
كلَّما أرادَ رسامٌ أن يستهزىءَ بكم جَلَبَ البحرَ معه، ونشرَهُ كملاءة على الجدران· البحرُ ضَعْفٌ في منطق الرسم؛ ثرثرةٌ في منطق اللون· البحرُ قُمامةُ السماء يجمعها الرسامون في براميل خيالهم، ثم يدلقونها علينا· البحرُ صدأٌ أزرقُ، قال نواهين· مدَّ ذراعه اليسرى في اتجاه الجَمْع: أيحمل أحدكم زجاجةَ ماء؟ أعطوني زجاجةَ ماء.
أأنت عطشان؟، ساءله الشاب الملتحي، فردت المرأةُ المعتكرةُ المزاج: وجودُك يجفِّف الحنجرة· أنا عطشانة أيضاً
لا· لا· لستُ عطشانَ· أردتُ أريكم ما يستطيع شخصٌ أن يفعل بالمعجزة· الماء معجزة، وأنا قادر على إهانتها بقُدْرةِ ساحر· أعطوني زجاجة ماء، قال نواهين بصوتٍ فيه لوعةٌ· أعطوني طائراً من طيور الأعشاشِ الحجرِ هذه، قال بعد لحظةِ صمتٍ· أردفَ: أعطوني نَفقاً أوزِّعْهُ بالأمتار على شعبي أغمض عينيه· حاول الخروج بنظامٍ للصور المتهارِشة، كجراءٍ، في خياله· الأنفاقُ عنايةُ المعجزات الصغيرة بيتامى المعجزات الكبيرة· الأنفاقُ سطورٌ في آخر كتابةٍ دوَّنها الآدميُّ· مامِنْ كتابةٍ أخرى بعد الآن·، قال نواهين مستريحاً إلى فكرته، ثم صرخ: أعطوني نَفَقَاً