"السلالم الرملية" رواية للشاعر والروائي سليم بركات، صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2007؛ قسمها بركات الى عشرين فصلاً، عشرة منها معنونة بالعربية والعشرة الأخرى معنونة بالأجنبية، وكانه في مسعاه هذا يريد أن يزيد من الطلسمة والإلغاز، وإرباك القارئ
أنت هنا
قراءة كتاب السلالم الرملية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
مغيبٌ مُمَلَّح
أين تعتقد أنهم دفنوا خصيتيك، ياتَالْمَاجُوْرْ؟، قال تَاهْشِيْنْ، ذو الغمازة الداكنة في جلد خدِّه ــ الجلدِ المنكمش من لَعْق الريح الباردة·
لَمْ تُدْفنا· رما بهما الصِّبْيَان إلى الكُناسَة فتهارشت الكلابُ عليهما· ليتَهم ملَّحوهما كالشحم، الذي تأكله ياتاهشين· كنتُ علَّقتهما قُرْطين في اُذنَيْ جَمَلي، أو خلطتُهما لكَ بالزبيب في جِرَابك، ردَّ تالماجور الأعرج·
انظرا إليَّ أيها الضَّبُعان· هنالك لقمة في فمي · لاتقزِّزاني، قال بِيغُوْن، ذو الشاربين المتعلِّقين بزاويتَيْ فمه·
لم يكترث تاهشين لاستياء صاحبه بيغون· أكمل المساءلةَ: ماذا فعلتَ حين جُبَّتْ خصيتاك؟ فردَّ تالماجور:
ــ لم أفعل شيئاً، يالسانَ الطاووس· أُغمي عليَّ· لا· سُلَّت العروقُ من جسدي بملقطٍ عِرْقاً عِرْقاً، من صدغيَّ حتى عقبيْ قدميَّ، كما يسحب الغرابُ الخَرَاطينَ ــ الديدانَ من خروم الأرض· اُفرِغَتْ عظامي من النِّقْي بسيخٍ حديدٍ· مُشَّ النخاعُ من فِقَر ظهري بفم من نار· سُلِخَ شَغَافُ قلبي· جُوِّف قحفُ رأسي ومُلِئَ بخاراً مغلياً· سقطت عينايَ من محجريْهما· ذاب كل شيء· سَبحتُ في جمْرٍ أكلتُه كما تأكلُ، أنتَ، كبدَ الدجاجة، وشربتُ الرمادَ كما تشربُ ماءً· ليس عليك أن تسألني ــ إذاً ــ ماذا فعلتُ لحظةَ إخْصائيَ، يالسانَ الطاووس، بل اسألني ماذا فعلتُ قبل ذلك، أو بعده·
ماذا فعلت؟ سأله تاهشين·)
لم أفعل شيئاً قبل ذلك· سُدَّ فمي بحزام· قُيِّدتُ، جالساً، إلى عمودٍ· طوى أبي ساقيَّ إلى صدري وقد دمعت عيناه· ربط الجزارُ خصيتيَّ بشريط، واقتطعهما بالمِشْقَص خَلْساً، قال تالماجور الأعرج· مسحَ زاويتي فمه بيدهِ الخشنة· استرسلَ: لم أفعل شيئاً بعد ذلك· رأيتهم، مَبْهوتاً ملجوماً من الألم، ينثرون على موضِع الجَبِّ ملحاً ممزوجاً بالكِلْس· كنتُ مستسلماً للأمل المغرورق العينين في عيني أبي؛ أملِهِ في أن يسير بي )إلى بلاط تِيْغُوْتْكيْنْ شاهْ، فينالَ بعملي عنده في دار الحريم، حظوةً، قال تالماجور·