أنت هنا

قراءة كتاب العريضة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العريضة

العريضة

رواية " العريضة " للكاتبة القطرية نورة آل سعد؛ و نقرأ من اجواء الرواية : هل بإمكان حادث طارىء وعابر أن يجردها من حياتها ؟

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
لو كان الحب جنونا مؤقتا!
 
بيد أنه الذات! انه (الأنا) لدى عائشة وحياتها الأرضية القصيـرة التافهــة المحوطــة بأسوار جبرية محكمة من العزلة، كل ذلــك يجردهــا مــن السعي للتواصل مع الآخرين! يجب ألا ترتبط بصداقات حميمة، وألا تنجرف إلى تمتين علاقاتها بالغرباء، ويجب ألا تعالن الآخرين بأفكارها (وأن تخلص لها في الوقت نفســـه)·
 
لم يسع عائشة إلا أن تندمج اجتماعيا مع كل ذلك الخليط من زوجات الدبلوماسيين الخليجيين وبعض العرب، وأن تعيش وسطاً من خليط مريج غريب عنها، ويتحتم عليها أن تبدي حيوية أكبر مما تطيق أو تكون مفطورة عليها· اعتادت بمرور الوقت الخروج مع بعض السيدات إلى مناسبات عديدة، منها عروض الأزياء والاستقبالات وندوات، وحضور مؤتمرات وفعاليات للعمل الخيري! وجدت نفسها تمضي في برنامج يومي متنوع ومختلط، يحوي النزهات والولائم المنتظمة، والواجبات الاجتماعية، والتسوق واستقبال وجوه جديدة تعبر أو تقيم سيان! لأنها دائما وجوه متشابهة واجتماعية وبشوشة بصورة مصطنعة وأبدية· تتشابه النساء في كل مكان، فهن لا يختلفن على أهمية التجمل والاستعراض والتباهي والأحاديث الجانبية (الغيبة وتبادل الإخباريات)، ولا تكاد تتغير الأجندة الحريمية؛ يمنع الكلام في السياسة والنكد والخلافات الزوجية، وممنوع بتاتاً اصطحاب الأزواج والأطفال· استحوذت مربيتان على أولادها الصغار، ولم يعد من همّ لعائشة إلا الالتزام بالبرنامج الاجتماعي النسوي (الدبلوماسي)، حيث يحيا الفرد للجميع وبالأخص نزوات الرفيقات المقربات· تصادقت عائشة في البداية مع حنان! كانت حنان هي من لاحقتها بالاتصال وضرب المواعيد واللقاء على الغداء والتسوق معا· كانت حنان سيدة مصرية متزوجة من قطري يعمل في السفارة القطرية في لندن· تصاحبت المرأتان وترافقتا مراراً لعروض سينما وزيارة متاحف ومعارض فنية، وغامرت عائشة مرة بركوب القطار إلى موقع أثري بعيد، ولكنها لم تستطع أن تحصد متعته بسبب قلقها من أن تتأخر ويفتضح أمرها· كان بوسالم يمتعض من حنان! لم يخف تحفظه على لباسها وتجوالها الحر في لندن! كما كان يجد في كلامها ونظراتها وتصرفاتها وقاحة؛ فهي لم تبد الاحترام الكافي للتقاليد حتى بعد زواجها من قطري! ولم يطل الوقت بـ (بوسالم) حتى ضاق ذرعا بها وحذفها من قائمة علاقات عائشة! شطبها كما تشطب وجبة يزمع إعدادها في قائمة الطعام فقال لعائشة: اتركيها عنك يا ام احمد· لا تدخل بيتنا ولا ترافقيها ! بعدها حرصت عائشة على ألا يقع علم (بوسالم) على أسماء رفيقاتها الضروريات ولو عرضا!! تعرفت عائشة إلى ميثة، فتاة تصغرها بعقد كامل من السنين، وعزت إلى ذلك وحده حيويتها ومرحها الصاخب! فتاة بهية الطلعة يحلو للمرء أن يستمع لسوالفها وحكيها المبعثر، لاسيما إذا كان امرؤ مثل عائشة يفضل رفقة لا تفضح أمر صمته بل تملأ الفراغ بضجيجها· ميثة كانت تأخذ عائشة إلى أماكن مغايرة عن تلك التي اعتادت على ارتيادها وبتغطية مناسبة، فقد كانت ميثة تعاني من التهابات نسوية مزمنة، وتحججت عائشة بمرافقتها إلى مواعيدها الفعلية والمزعومة· لم تسلها عائشة ما سبب تلك الالتهابات السفلية؛ فقد اكتفت بما عبّرت عنه ميثة بمزاح مرير وإنجليزية ركيكة: (وي ار يوزد بيبول)(9)كانتا تغامران بالذهاب إلى حيث تقودهما أقدامهما، بحسب مزاج ميثة ومدى قدرة عائشة على كبح جماح رفيقتها· اشتركتا مرة في مظاهرة عمالية مناهضة لسياسة حكومية·
 
أمسكت عائشة بذراع ميثة وقالت لها: ولكن ما الأمر ؟

الصفحات