أنت هنا

قراءة كتاب العريضة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العريضة

العريضة

رواية " العريضة " للكاتبة القطرية نورة آل سعد؛ و نقرأ من اجواء الرواية : هل بإمكان حادث طارىء وعابر أن يجردها من حياتها ؟

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
لم يطل الضابط الشاب معاناة عائشة لأن الرجل الآخر التفت إليها وقام بتهدئتها وتوضيح الموقف:
 
إننا نراقب السيد عبد الرضا ونريد أن نعرف أي معلومات عنه بحوزتك ·
 
نعلم بأنك تلقيت اتصالين منه بعد ذلك اللقاء في المقهى· تحدثت عائشة بينما كانت المترجم ينقل كلامها، أخبرتهم بكل ما تعرفه طواعية، وأكدت لهما بأنها لا تعرف عنه شيئا غير أنه روائي، ولم تقرأ له حتى أي رواية، وأن رفيقتها ميثة ورطتها في الأمر كله، وسردت لهما ما قاله عبد الرضا في ذلك اللقاء، بالرغم من أنها لم تكن تأبه كثيرا بما يقول، وقالت إنه اتصل بها فعلا ولمرة واحدة فقط ولا تعرف كيف حصل على رقم هاتفها، ربما من رفيقتها الطائشة وكان ذلك من دون علمها· ودار بينها وبينه حديث قصير جدا، وأشار في نهاية الاتصال أنه سيغادر إلى لبنان· ولم تتلق منه أي اتصال آخر! ربما اتصل وهي غير موجودة وهي لا ترحب بأي اتصال منه على كل حال·
 
وقال لها المحقق: ستأتين إلينا عندما يكون لديك معلومات جديدة؟
 
هزت رأسها بإيجاب، أرادت أن تكون متعاونة ولكنها لم تكن تفكر بشيء سوى بمغادرة ذلك المكان
 
- هل أخرج الآن ؟
 
- بالطبع·
 
خرجت عائشة من باب المكتب وهي تتوارى خلف نظارة سوداء، وأشاحت لكيلا يراها المارة تبكي، وابتعدت بسرعة عن مكتب اسكتولنديارد وهي تهز رأسها، وكأنما تنفض عنها تلك الواقعة·· وذكراها!
 
بعد ذلك بسنوات عديدة قرأت عائشة خبراً في موقع إلكتروني (كان قد حلّ حينئذ عصر الإنترنت والفضائيات) أن عبد الرضا كان أحد الضالعين في أحداث الطائف في عام 1994· لم تتساءل ماذا فعل وما مصيره وأين هو! عاودتها ذكرى ذلك اللقاء في لندن لوهلة! هزت رأسها فتبخرت·
 
في ذلك المساء ذاته نفرت عائشة إلى ملتقى سيدات الدبلوماسيين العرب في شقة أم حنان· كانت الأواني تصطفق في المطبخ، وتتكوم القدور والصواني المغلفة والمغطاة بما حوت، وعلت أصوات السيدات اللاتي ضاقت بهن غرفة المعيشة فالتجأن إلى الرواق ومدخل الشقة، ولم يطل الوقت حتى دخلت سمارة المصرية بحقيبة منتفخة فنثرت ما بها على طاولة زجاجية مستديرة وهي تقول: غلّة اليوم يا جدعان!
 
وللحظة ساد الهدوء على الوجوه التي وجمت أمام تلك السلع المثيرة: علب صغيرة ملونة، وأقلام كحل، وعلب بودرة، وأقلام روج ثم أطبقت الاصابع على الغنيمة يختبرن هذا ويفحصن ذاك، ويعلقن على هذه ويتندرن على تلك، في خضم من الضحكات والقفشات المتبادلة التي ملأت الشقة الواسعة، وفي حجرة الضيوف صفت على المائدة العريضة المأدبة المنتظرة، التي أسهمت فيها المدعوات بكل حلو ومالح ودسم وحريف ومقلي ومشوي، واندسـت عائشة بينهن في رغبة كاملة في الاندماج، وقد ثمّنت -لأول مرة - تلك الدعة الآمنة التي تعيشها نساء عربيات يحفظن أسرارهن في الصدور، ويتحلين بأزهى لباس وأغلى حلي، ويقبلن على طيبات الحياة (ولا يتورعن عن بعض خبائثها ما دامت سهلة المنال)! تلك حياتها التي ستختارها وتعيشها وتصونها·

الصفحات