لعبة البوح هي الرواية الفائزة بحازة الغونكور، وقد نالت الكاتبة أكثر من جائزة رفيعة في فرنسا.
أنت هنا
قراءة كتاب لعبة البوح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

لعبة البوح
الصفحة رقم: 2
رجعت أورور إلى غرفتها، غرفة الأطفال التي لم تكن تحظى بغيرها أينما حلت، فلم يعرض عليها يوما لا غرفة الضيوف، ولا كنبة الصالون، كلا، إنها غرفة الأطفال ولا سواها! لقد حكم عليها، ما إن تحل ضيفة على منزل ما، حتى تنام على تلك الأسرة الضيقة، والروائح الحية النائية التي كانت تترك على الفرش بقاياها المُلِحّة·
كانت تشمّ في سرير كريستال، ابنة غلوريا، رائحة كريهة، وكانت الغرفة بشعة، تتسم بالفوضى والهشاشة، كما لو أنها آوت سلسلة من الأعداء الذين أرادوا كل بدوره، بعثَ النفور في شاغل الغرفة السابق· وعلى ورق الجدران المطبوع بالورود الصغيرة، علقت أولاً شخصيات والت ديزني، ومن ثم جاءت موضة الخيول التي صورتها مطويات المجلات، ملصقة على الجدار المحيط بالسرير، وأخيرًا ، كان هنالك الأحدث، بوسترات بالأسود والأبيض لجيمس دين، ومارلين مونرو بالحجم الطبيعي· كان جيمس دين يظهر مقطبًا أعلى المكتب الخشبي الأبيض المرصع بمصورات صغيرة· وثمة So cute ! هذه العبارة التي تشتمل على الكثير من الأشياء العذبة، أو التي زالت عذوبتها بفعل حساسية مبتدئة وزائفة، إذ إنها كتبت على صور الأطفال، والحيوانات، وحاجيات تافهة من النايلون تتدلى أمام النافذة، وعلى صورة جيمس دين المخَدر حتى الموت·
إن وصف جيمس دين المبرطم في الصورة بـ so cute ! كان يدل على بداية اهتمام كريستال بالرجال، وعلامة من علامات مراهقتها العاطفية، أما صورة مارلين وهي تمسك تنورتها فوق فتحة التهوية فهي إشارة إلى أنها كانت المرأة المثال بالنسبة لها·
عند مراهقتها، كانت أورور هي أيضًا تهتم بالممثلة المعبودة لدى أبناء عصرها· فعندما كانت في البنسيون، جلبت إليها صاحباتها عددًا من مجلة باري ماتش، وعلى الغلاف صورة لولا دول وقلن لها: هذه أنت؟ هيا اعترفي، هذه أنت! ومن هذا الكلام فهمت في الحال، وبلا مقدمات، بأنها كانت جميلة جدًا، مع إن ذلك لم يخطر ببالها يومًا، إذ لم يسبق أن أوحت لها به ابتسامة، أو نظرة· قولي بأنها أنت···مع قليل من اللمسات! نعم، مع قليل من اللمسات شبيهة بما يضعها الخياط دو لامبرور على مجموعته الخاصة بالفتيات: ياقة مربعة، وثوب من الأورغندى البيضاء، وابتسامة لؤلؤية·
كان امتهان السينما من الأمور المنافية للحشمة في أوساط مجتمعها آنذاك· كان يمكن التغاضي عن الراقصات نظرًا لما يقمن به من جهود مضنية، وما يلتزمن به من أنظمة صارمة· وعن ممثلات المسرح الكلاسيكي اللواتي يحفظن النصوص الطويلة والصعبة· أما ممثلات السينما وعارضات الأزياء فلم يكن لديهن ما يفعلنه سوى إظهار أجسامهن، وكان الناس ينظرون لهؤلاء المغفلات المسكينات بكثير من الازدراء مما كان يضطرهن إلى تغيير أسمائهن بأخرى مستعارة·