أنت هنا

قراءة كتاب ثادريميس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثادريميس

ثادريميس

ثادريميس؛ حكايةُ المَعْقليْنِ الأخيرين للبشر: ثَارُوْس، وجارتها هِيْكو، على تخوم جبال كُوْربين السوداء· حكايةُ أَختام، ورُسُل، وتماثيل، ونهايات لايمكن كتابتها إلاَّ هكذا: أيْ تاريخُ كلِّ تاريخٍ مُخْتَزَلاً· حكايةُ اللوح المُهشَّم، الذي تبقَّى من الرسم المنح

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5
سادت الهمهمات بين الحشد المحيط بميناذي· طغى عليها صريرٌ معدنيٌّ بارد· ارتفع جسد تمثال برونزـ تمثالِ امرأة كان جالساً، في الأرجح، قرب منصّةٍ عالية لم ينتبه إليها جاجيليو· رنَّ لسانُ التمثال في جوف الفم إذ نطقَ: ما لك وما للتماثيل، أيها الرسول؟
 
تبلبل جاجيليو· حمحم جواده قليلاً وارتبك· تقدّمت المرأة البرونز، العالية سبعَ أذرع· سرى صدى خطواتها الثقيلة في أرض السرايا فمسَّ قدميَّ الرسول· تحركت عيناها في محجريهما· أصدرتا صريراً·
 
حدّق جاجيليو، متردداً، إلى عينيها الكتيمتين الخاليتين من نقش البؤبؤ والحدقة كما في العيون· رفع ختمَ قاضي ثاروس كأنما يريها إشارةً لم يُحسن رسْمها بالكلمات· أيقظه من بلبلته وتردّده صوتُ ميناذي: حيَّرْتنا قليلاً، أيها الرسول، لم تقُل اسمك، ولم تحدّد غرضَ قدومك، ماذا تريد من التماثيل؟
 
تدحرجتْ كلماتٌ لها طقطقةٌ حجرية، كأنما نطقت أرضُ السرايا نَفْسُها: أتريدُ زوجةً من سلالتنا؟، قال تمثالٌ لا يجاوز ذراعاً، خرج من بين سيقان الواقفين· دقَّ بيده، في حركةٍ باردةٍ، على صدره· جلودنا رقيقةٌ كعيني جوادك، قال، فضحك البعض ضحكاً خافتاً· كمَّموا أفواههم براحاتِهم لا يريدون أن يبدر منهم ما يشبه استخفافاً· وبَّخ ميناذي التمثالَ برقَّة: تمهَّل أيها المخلوق سِيْلُوْبُو· هذا رسول القاضي يورابات
 
تحسَّس جاجيليو فأسه المتدليةَ على خاصرته، وهو يحدِّق إلى التمثال النُّحاسيِّ، القصيرـ تمثالِ رجلٍ بلحية، وخوذة، ودرعٍ يغطي هيكله برمَّته· تمتم بلسانٍ ثقيل: اسمي جاجيليو· أنا هنا أطلب، باسم القاضي يورابات، تمثالاً يؤنسُ مجلسَ الولاة، ويكون بهيجاً في عيون أولادِ أرضِ ثاروس
 
غمغم الحشدُ الواقف· تأمل ميناذي الطويلُ الجسم، ذو المعطف الأحمر المطرَّز بخيوطٍ سوداء، الرسولَ جاجيليو· تكلَّمَ: هلاَّ أخذ أحدٌ عن ضيفنا جواده؟، فهرول من أخذ رسنَ الحيوان من يد الرجل النحيل· استدار إلى تمثال المرأة البرونز، المنتصبة في ثوبٍ من الزرد يغطيها حتى الركبتين: لم يأتنا أحدٌ من قبل، يطلب تمثالاً، يا ثادريميس، ابنةُ الصُّلْب المجوَّف كطبائع الناطقين· بمَ تفسّرين هذا؟، لم ينتظر جوابها· نظر إلى الرسول: أَطَلَبَ القاضي يورابات تمثالاً، أيها السيد جاجيليو؟
 
لديكم تمثالٌ نحَّاتٌ، قال جاجيليو بلسانٍ عجولٍ· طلب القاضي التمثالَ النّحّاتَ
 
سرى الصدى البارد من خطوات المرأة البرونز، إذ تقدَّمت، إلى قدميِّ الرسول العصبيِّ الوجه· نطقتْ، فخرجت الكلماتُ مصحوبةً بصرير اللسان المعدنِ: أنا التمثالُ النَّحَّاتُ في أرض هيكو جاورَتْهُ فبدتْ كبرجٍ· مالتْ بوجهها عليه: ذاكرتكَ ذاكرةُ الظلّ· أنت لا يُنْحَتُ لك رسمٌ· أأنتم بلا قلقٍ في أرض ثاروس، أيها الرسول جاجيليو؟
 
خلا وجه جاجيليو من أي نزوعٍ إلى فهم التوريات· قلَّبَ بصرَه بين وجه المرأة البرونز والختم الذي في راحته· تكلّم بغتةً: أين جوادي؟
 
إنه ينعمُ برفقة جيادنا الآن، أيها الرسول جاجيليو، قال ميناذي·

الصفحات