أنت هنا

قراءة كتاب ثادريميس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ثادريميس

ثادريميس

ثادريميس؛ حكايةُ المَعْقليْنِ الأخيرين للبشر: ثَارُوْس، وجارتها هِيْكو، على تخوم جبال كُوْربين السوداء· حكايةُ أَختام، ورُسُل، وتماثيل، ونهايات لايمكن كتابتها إلاَّ هكذا: أيْ تاريخُ كلِّ تاريخٍ مُخْتَزَلاً· حكايةُ اللوح المُهشَّم، الذي تبقَّى من الرسم المنح

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
كيف أصحب هذا التمثال الضخم؟ ماذا لو حاولتْ ثاد··· أن تهرب؟، قال جاجيليو متلعثماً، فقهقه الحشدُ من حوله· تكلم ميناذي مَرِحاً: أوثِقْها، أيها الرسول· اسْحَلْها من خلفك فوق الصخور· اغْوِها بلسانِ الدّاهيةِ اللَّعوب فيك فربما تعلَّق قلبُها بك، والعاشقةُ لا تهربُ، أيها الرسول جاجيليو رفع وجهه إلى ثادريميس: لماذا يطلب قاضي ثاروس يدكِ، أيتها الآنسة؟، قال بصوتِ الدُّعابة·
 
الفضول، أيها القاضي ميناذي· إنه الفضول، الذي سيغدو مللاً· وسيغدو المللُ شكّاً· وسيغدو الشكُّ يقيناً· وسيغدو اليقينُ اشتغالاً، من جديد، على إعادة ترتيب اليقين القَلِق· أنتم خلائقُ الخوف ـ أيها القاضي ميناذي ـ محترفو تدبير الخوف، بفضولٍ أو من دونه، قالت ثادريميس بصوتٍ جافٍّ ذي صدىً معدنيٍّ في كهف حنجرتها·
 
ألا ترين أيتها الآنسة ثادريميس، أنك تستعذبين الأجوبةَ المطحونة؟، ساءلها ميناذي، فردَّ تمثالُ المرأة البرونز: مطحونةٌ ككلّ شيءٍ آخر في علوم خلائق الخوف ـ نوعِكم، أيها القاضي ميناذي
 
غمغم الحشدُ الواقف جمْعاً جمعاً· دقَّ شيخٌ على فخذ التمثال بأصبعه فسُمِعَ الصدى في جوفه: الذي أنشأكِ صبَّاً في قالب الصلصال كان أخرس، أيتها الآنسة ثادريميس· وها نسمع منك خيالَهُ الناطقَ، قال، فاقترب منه التمثالُ النُّحاسيُّ سيلوبو· تكلّم بلسان الجوهر الخشن فيه: لو قرعتُ بيدي على عظامك، أيها الشيخ كوْدِيْرُو، أيَّ صدىً أسمع غيرَ الصدى المعذَّب لخيالك؟، والتفت إلى الرسول جاجيليو: أرأيت تمثالاً من قبل؟، ساءله، فردّ جاجيليو:
 
ـ لا·
 
أتناوَلْتَ وجبةَ عشاءٍ دسم مع تمثال؟، قال سيلوبو بصوته المعدنيِّ، فقاطعه ميناذي: قال لك إنه لم يرَ تمثالاً
 
أقامرتَ مع تمثال؟، قال سيلوبو للرسول جاجيليو المنحني عليه برأسه، فعاد ميناذي إلى مقاطعته: كفاك عبثاً، ياسيلوبو ثم وضع يده على كتف الرسول: إبقَ الليلةَ هنا· تعشَّ مع سيلوبو ضحك الحشد· ماذا تتعشى، ياسيلوبو؟، قال أحد الواقفين· استطرد ميناذي: قامِرْ بجوادك ضدَّ سيلوبو· سيخسر· هو يخسر أبداً· ستربح وزنَكَ نُحاساً
 
مااللعبة؟، سأله جاجيليو في فضول·
 
تأمَّله القاضي ميناذي· رفع وجهه إلى ثادريميس برهةً، ثم عاد ببصره، من جديد، إلى وجه الرسول: إنْ عُدتَ إلى القاضي يورابات معافىً غداً احملْ إليه كلماتي القليلة هذه: سنقايض أرضَ هيكو وتماثيلَها بأرض ثاروس· نحملُ نساءَنا، وأطفالنا، ودوابنا، ومُؤَنَنا، إلى ثاروس، وتحملون أنتم نساءَكم، وأطفالكم، ومُؤَنَكم إلى هيكو· التماثيل ستبقى هنا، لكم، وتطلَّع من حوله بعينين فيهما مَرَحٌ: أنسيتُ شيئاً؟
 
ترقرق الصوتُ المعدنيُّ هامساً من حنجرة ثادريميس: سيحمل القاضي ميناذي حنينَه إلى هيكو معه· فلْيحملِ القاضي يورابات معه حنينَه إلى ثاروس .

الصفحات