أنت هنا

قراءة كتاب الأختام والسديم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأختام والسديم

الأختام والسديم

في هذه الرواية، يسترجع سليم بركات بعض ذكريات الأرض الأولى بأحداثها الطريفة وأجوائها الأليفة والقاسية، ويعيد تأليفها عبر كيمياء مخيلته السحرية، فإذا هي رواية الغربة والإقامة ، رواية الماضي والحاضر، رواية الأسى والرجاء.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
مَيْكَر بَابُوْ ليس بينهم، قال أردها· تشمَّم بأنفه الرَّقمَ السبعةَ ــ رقمَ الميزان ذي المكاييل المتدلية من حزام العَدٍم· هو ليس رقماً، في الأرجح، بل نفَسُ المشيئة بعد فراغها من تسطير الميثاق المُمْتَحِن· سبعة أيام بلاءٌ قرب عقل النشأة· الكلُّ بلا نقصان، من الروح حتى فُساء الذئب· سبعة لا تتوازن في كفتين: تلك هي المُعضلة· أردهان وزَّع حسابَ الكينونة على حَدَّيْن هما رباطُ المعقول· طلبَ ثمانيةَ فحضرَ سبعةٌ· كيف سيقتسمون زادَ اللون ومَتاع الشكل؟ هم أمراء في مهنة التشخيص رَسُماً· تحت أيديهم ممالك من صور الممسوسين بالكَرَم القُدسيِّ استعادوا بها خيالَ اللامعلوم ناطقاً· وها أردهان، ابن قاضي الطهاة في شهرزور، يستميلهم بهباته فيُحْضِرُهم إلى ميدو كي يُعِيْنوه على استيلاد شيخَيْنِ من الممسكيْنَ بتلابيب المُعْضِل استيلادَ البزرة من الممكنات؛ شيخين لا سميهما جسارةُ المحسوس بيَدِ اليقين، لكن ينبغي أن يتخيَّر لهما الرسمُ، بالحفظ الذي لا يقبل التسويةَ إلاَّ عَدْلاً تتعافى به مداركُ الظاهر قبل الباطن، بهاءَ الإقامة في حجابٍ مرئيٍّ، حاضريْنِ غائبينِ، مشرفيْنِ عن البرزخ على البصر في استحالة بصر الناظر إليهما قَلْباً، ووجداناً، وطَمْعاً من مذاق المشمومِ الخالد: ريحِ المجهول· لقد تطاول، في ماضٍ من علومِ اللون، مبشِّرون بمآدب الكشوف المرقونة، على تخطيط المشور من ظلِّ شخصهما، فأقاموا الصناعةَ مقامَ نداء الهيئة، وهو عِلمٌ يتحصَّل بالميران على مخاطبة اللون· وصلت الرسومُ إلى أسواق تبريز، وديرسيم، ونصيبين، وملاطية، من غير روح· والذين علَّقوها إلى جدران منازلهم بخيطان من قنَّب، أو ألياف من قصب الأهوارالسوداء، عادوا فاأنزلوها، بعدما سَرَى أن إماماً في أرض بوتان سمع استغاثة اللون في رسم الشيخين النقشبندي، والكيلاني، بَرَكةُ اللون من بركتهما، قال أردهان· سنعيد إلى اللون كرامةَ حضوره الأزلي تحت عرش اللّه، وهو يرمي بلسان الفقيه البسيط فيه إلى أَن الظلامَ ــ خرزة السواد الأولى في الموجودات الجوهرية القائمة بذاتها ــ موصوفٌ أوحدُ في إشارة الإلهيِّ إلى كمين إقامته، بحسب الشروح الكبرى والصغرى في علوم الأَيْنيَّات الشديدة المقاييس: كان العرش، منذ لا يتَّصف ببدءٍ، في عماءٍ كليٍّ ــ سوادٍ مُعَتَّقٍ في قارورة القِدَم· ومن السواد؛ من خَلِّةِ الحامض الأنيق، ارشمت ــ من ثمَّ ــ عَلَقَةُ البياض حتى غدت فراشةً تسرح فوق غمر الوجود المنبثق من أجاصة الطين·
 
يقيناً، لا يحاول أردهان أن يمضي إلى تأويل أبعد من اختصاص قلبه بالمحظورات الشفيفة، وبإرث العقل البسيط بلا خزائن تُذْهِل وتَصْرَعُ، حين يصف القائمً على إمارة خانِهِ وملحقِهِ الإسطبل الشاسع أويس أوسبخان بقرابة الأصل مع الكرامات وحقائقها: أن تكون مجذوباً ــ وأنت لستَ مجذوباً يا أويس، أو تكون لك عين واحدة ــ ولك عينٌ واحدة، فذلك تدبيرٌ لا يَخْفى معناه عليك· لقد أُعْطِيتَ حظاًّ في الأقدَميْن: الظلام والنور· الحقيقة فيك، يا أويس، أصلُها في عينك المُطفأة، الحُرّة بها، حدها، ترى من أنت يا أويس، النُّورُ غِيْرَةٌ· منذُ بَدَءَ النٌّوُ بدأتِ الغيرةُ· المرئيُّ ــ لا سواه ــ يغار من المرئيِّ هكذا تتأوَّلُ العلومُ شراراتِ الجمر في خزائنها: خُمِرَتْ طينةُ آدم أربعين صباحاً حتى نضَّجَ عجينُها الخالقُ صورةَ الحركة· الصباحاتُ ــ النُّورُ هي التي وهبت الرُّشيمً الذاهلَ، المستورَ في ذهولِهِ، خصِّيصة النُّقْلةِ إلى الوجود العاقل: وُلِدَ الشكلُ؛ وُلِدتِ الدائرةُ الناطقةُ بلسان الجَدَل؛ وُلِد الحِلْفُ الذهبيُّ للمعجزة في قفير الجسد الآدميِّ، حيثِ يدخل نحلُ الغيب غاضباً ويخرج غاضباً، مسعوراً من قيظ الفكرة ذاتها: أن يكون الوجودُ ميثاقَ الضجر من وجوده وجوداً·

الصفحات