رواية "القمر والأسوار" للكاتب والفنان التشكيلي العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي، الصادرة عام 2003 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ منها:
أنت هنا
قراءة كتاب القمر والأسوار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

القمر والأسوار
الصفحة رقم: 5
(2)
قال عباس :
- أخذت خمساً وتسعين بالانكليزي·
أطلق كلمته وهو يلوك قطعة من الخبز الحار في فمه بتلذذ بعد أن غمسها في الأدام· وكان الزهو يرتسم على وجهه الأسمر المائل الى الامتلاء حيث تفوح ملامحه بالرجولة التي تجعله يبدو أكبر من عمره الذي يدنو من الأربعة عشر· يتأمله حميد بفرح ثم يلتفت الى حسنة هامساً:
- لا أصدق بأنهما سيكبران ويصبحان موظفين وأرتاح من الحراسة والسهر·
فانتبه كامل الى كلام والده وأمنيته وقال :
- سأدرس حتى أنجح وأشتري لأمي الدواء·
وكان كامل أصغر من أخيه بعام· وكانت حسنة تعلن :
- ما أن اغتسلت من الأربعين حتى حملت بكامل أما نجية فقد انقطعت عن الانجاب بعد ولادتها ثلاث سنوات تقريباً حيث اشتد علي المرض· وقد قصدت مرقد الحسين والعباس والكاظميين ونذرت النذور لهم وللمجاهيل وسيد خضير وفوادة أم هاشم(ü) وكتب لي الشيخ علي الله يطيل عمره عشرات الأدعية ولكن لا فائدة، له بها ارادة، جل جلاله، ثم حملت بعباس، الله لم يكسر بخاطري·
كان عباس يشبه والده تقريباً، السمرة الداكنة نفسها والأنف الطويل، وكذلك الجبين الواسع والوجه العريض· أما كامل فوجهه يميل الى الطول وبشرته أفتح، كما أنه مميز بحنك طويل كان عباس كثيراً ما يثيره عندما يجعل من طوله مادة للتندر·
أما نجية فكانت تمضغ طعامها بصمت دون أن تجد الرغبة لمشاركتهم الحديث فقد كانت متعبة لكثرة الأعمال التي أدتها، ولكنها سعيدة بوجودها في هذه العائلة الهانئة التي تعيش في بحبوحة ورضى قياساً الى العوائل الأخرى التي يضمها الزقاق· فقد كانت الحبوب والسمن تأتيها من أبناء أخ حميد الذين لم يلحقوا بعمهم في المدينة وظلوا في قريتهم مع أولادهم ومواشيهم·
نطق كامل :
- بابا، اريد أن آخبرك عن عباس·
وهب عباس قائلاً :
- بماذا تخبره؟
- لقد تشاجر مع أحد الطلاب وضربه على رأسه بالمسطرة فأرسل عليه المدير ووبخه·
وانتبه حميد لما قاله كامل حيث سأل عباساً:
- أصحيح هذا؟
فعض عباس على شفته وهو يتأمل أخاه متوعداً· لكن الأم بادرته معاتبة:
- كم مرة أوصيناك بأن لا تتشاجر مع الطلاب؟
- لقد شتمني ومزق دفتري·